[مقدمة التحقيق]
ترجمة المؤلف
هو السيد جمال الدين ابو الفضائل احمد بن سعد الدين ابى ابراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن احمد بن ابى عبد الله محمد «الطاوس» بن اسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن ابى طالب (عليه السلام) (1)
وامه بنت الشيخ الجليل نادرة زمانه الشيخ ورام بن ابى فراس الحلي (2) وام أبيه بنت شيخ الطائفة ابى جعفر محمد بن الحسن الطوسي فالشيخ الطوسى جد ابيه من الأم كما نص عليه اخوه رضى الدين في «الاقبال» فانه قال قرأت كتاب المقنعة للشيخ المفيد على والدى بروايته عن الفقيه الحسين بن رطبة عن خال والدى السعيد أبى علي الحسن بن محمد عن والده محمد بن الحسن الطوسى جد والدي من قبل امه عن الشيخ المفيد الخ (3)
فما في لؤلؤة البحرين للشيخ الجليل الشيخ يوسف البحرانى ص 150 من ان ام المترجم وام اخيه رضى الدين بنت الشيخ ورام وامها بنت الشيخ
Shafi 2
الطوسي لا يتم لان وفاة الشيخ ورام كما ذكر ابن الاثير فى الكامل ج 12 ص 110 سنة 605 ووفاة الشيخ الطوسى سنة 460 هج فتكون وفاة الشيخ ورام بعد وفاة الشيخ الطوسى بمائة وخمسة واربعين سنة فكيف يتصور كونه صهرا للشيخ الطوسى على ابنته وان فرض ولادة البنت بعد الشيخ أعلى الله مقامه
كما ان ما في «لؤلؤة البحرين» من ان ام ابن ادريس الحلي صاحب «السرائر» بنت الشيخ الطوسى فتكون والدة المترجم السيد جمال الدين وابن ادريس ولدي خالة غير تام لان وفاة الشيخ الطوسى كما عرفت سنة 460 هج وولادة ابن ادريس سنة 543 هج (1) فبين وفاة الشيخ الطوسى وولادة ابن ادريس 83 سنة والعادة قاضية بعدم قابلية من هي بهذا السن للولادة هذا اذا فرضنا ولادة البنت بعد الشيخ الطوسى واما اذا كانت ولادتها قبل وفاته فتزداد السنون.
وكيف كان فالمترجم ابو الفضائل جمال الدين احمد بن موسى فذ من افذاذ الطائفة وعين من عيون مصنفيها له مكانة سامية في نفوس الخاصة والعامة ولا بدع بعد ان لم يكن رجالات هذا اليت «آل طاوس» من الجامدين فى الزهادة الذين صدهم التقشف عن كثير من الفضائل لحسبان انها تنافي خطة الورع وقد ذهب على القوم ان الفضيلة لا تضاد
Shafi 3
التقوى ما لم يكن فيها تحيز الى خلاعة او اقتراف مأتم اما رجال هذا البيت فقد جمعوا بين التبتل ولطف الشاكلة وضموا الى الأقبال على المولى سبحانه التبسط في المعاشرة والى الرزانة خفة الاريحيه والى البرهنة العلميه التصويرات الشعرية فتجد أي فرد منهم بينا هو فقيه بارع أو حكيم متأله أو محدث ثبت، شاعر مفلق او خطيب مدره أو كاتب بارع
يرون في ذلك تتميما لفضلهم الظاهر وشرفهم الوضاح وحسبهم المتألق، كما انهم يجدون من كمال نسكهم واغراقهم نزعا في التعبد التصدي لاغاثة الملهوفين واتجاح طلبات المضطرين ونصرة المظلوم والانتصاف من الظالم
فيراغمون نفوسهم الطاهرة بمخالطة رجالات الدولة ويدارون امراء الوقت تحصيلا لتلك الغايات الثمينة التي حث الأئمة الاطهار (عليهم السلام) عليها ففي حديث الكاظم (ع): ان لله تعالى اقواما بابواب الجبابرة يدفع بهم عن اوليائه وهم عتقاؤه من النار (1) ولم يأذن (عليه السلام) لعلي بن يقطين الهرب من وزارة هارون الرشيد لما يعهده منه من القيام بشئون الشيعة وتدبيرهم امورهم والعود عليهم (2)
وعلى هذا الاساس قام آل طاوس ومنهم سيدنا المترجم بتولية نقابة العلويين وتدبير شئونهم والدفع عما ينالهم من العدوان واول من
Shafi 4
تولاها من هذا البيت جد (المتجرم) ابو عبد الله محمد الملقب (بالطاوس) فانه كان نقيبا بسورى (1)
وتولاها اخ المترجم سيدنا رضي الدين وابن اخيهما مجد الدين محمد (2) وابن المترجم غياث الدين عبد الكريم صاحب (فرحة الغرى) (3) الى غيرهم من رجالات هذا البيت حرصا على الغاية الثمينة وهى المحامات عن ذرية الرسول (ص) وانقاذهم من مخالب المعتدين ودفع العادية عن المؤمنين (4)
وكان سيدنا «المترجم» جمال الدين مع توليته للنقاية تحصيلا لتلك الغاية السامية يفيض المعارف الآلهية ويحض على الورع ويدع الى الاصلاح ويتهالك دون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
Shafi 5
ثناء العلماء عليه
ولذلك اطراه العلماء بكل جميل وذكروا مآثره الجليلة فيقول تلميذه الرجالي الحسن بن داود: ان سيدنا ابا الفضائل الطاهر المعظم جمال الدين احمد بن موسى بن جعفر فقيه اهل البيت مصنف مجتهد اورع اهل زمانه قرأت عليه كتاب «البشرى» وكتاب «الملاذ» وغيرهما من تصانيفه واجاز لي جميع مصنفاته ورواياته وكان شاعرا مفلقا بليغا منشئا مجيدا حقق في الرجال والرواية والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه ولقد رباني وعلمنى واحسن الي واكثر فوائد هذا الكتاب- الرجال- من اشاراته وتحقيقه جزاه الله تعالى عني افضل جزاء المحسنين
وفي «أمل الآمل» الحر العاملي كان السيد جمال الدين عالما فاضلا صالحا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدثا ثقة شاعرا جليل القدر عظيم الشأن
وفي اجازة العلامة الحلي الكبيرة لبنى زهرة وأجزت جميع ما صنفه السيدان الكبيران السعيدان رضي الدين على وجمال الدين احمد ابنا موسى بن جعفر الحسنيان وهذان السيدان زاهدان عابدان ورعان (1)
ووصفهما الشهيد الثانى فى اجازته لابي جعفر محمد بن الشيخ تاج الدين عبد العلي ابن نجدة: بالامامين السعيدين المرتضيين السيدين الزاهدين العابدين البدلين الفردين رضي الحق والدين علي وجمال الدين ابي الفضائل
Shafi 6
احمد بن طاوس الحسنين سقى الله عهدهما صوب الغمام (1)
ويقول السيد المحقق الخونساري: كان السيد جمال الدين ابو الفضائل احمد مجتهدا واسع العلم اماما فى الفقه والاصول والأدب والرجال وهو اول من قسم اخبار الامامية الى اقسامها الاربعة المشهورة الصحيح والحسن والموثق والضعيف واقتفى أثره فى ذلك تلميذه العلامة الحلي وسائر من تأخر عنه من المجتهدين الى اليوم وزيد عليها في زمن المجلسيين على ما قيل بقية اقسام الحديث المعروفة من المرسل والمضمر والمسلسل والمعضل والمضطرب والمدلس والمقطوع وغيرها (2)
ويحدث شيخنا العلامة ميرزا محمد حسين النوري: انه اول من فتح باب الجرح والتعديل وناظر وفي الرجال تعرض لكلمات العلماء وما وقع في الاخبار من التعارض وكيفية الجمع في بعضها ورد بعضها وقبول الاخرى وفتح هذا الباب لمن تلاه من الاصحاب وكلما اطلق فى الرجال والفقه ابن طاوس فهو المراد (3)
وعلى هذا النحو من الاطراء مشى الشيخ يوسف البحرانى فى اللؤلؤة وابو علي الحائري فى منتهى المقال والشيخ ملا علي الكنى في توضيح المقال والشيخ عبد الله المامقانى فى منتهى المقال والشيخ عباس القمي في الكنى والالقاب وشيخنا الحجة الشيخ آغا بزرك في الذريعة الى مصنفات الشيعة
Shafi 7
مشايخه
لم نعثر على مشايخه الذين تلمذ عليهم في الحديث والفقه والاصول والرجال باكثر مما يحدث عنهم شيخنا النوري في خاتمة المستدرك فانه ذكر منهم «1» السيد الجليل فخار بن معد الموسوى «2» السيد صفى الدين محمد بن معد الموسوي «3» السيد محي الدين ابن اخ ابن زهرة صاحب (الغنية) «4» ابو علي الحسين بن حشرم نص عليه صاحب المعالم «5» الحسين بن احمد السوراوي «6» الشيخ نجيب الدين محمد بن نما الحلي «7» الفقيه محمد بن غالب نص عليه غياث الدين فى فرحة الغري
Shafi 8
لمعة من شعره ونثره
ذكر حجة الاسلام المحقق السيد محسن الامين العاملي فى اعيان الشيعة ج 10 ص 282 مقاطيع من شعره ولسنا فى حاجة هنا الى ذكرها بتمامها منها المقطوعة البديعة التي انشأها عند التوجه الى مشهد أمير المومنين (عليه السلام) لعرض كتاب المقالة العلوية عليه سيب يديه
اتينا تبارى الريح منا عزائم
الى ملك يستثمر الغوث آمله
كريم المحيا ما اظل سحابه
فاقشع حتى يعقب الخصب هاطله
اذا آمل اشفت على الموت روحه
اعادت عليه الروح فاتت شمائله
من الغرر الصيد الأماجد سنخه
نجوم اذا ما الجو غابت آوافله
اذا استنجدوا للحادث الضخم سددوا
سهامهم حتى تصاب مقاتله
وها نحن من ذاك الفريق يهزنا
رجاء تهز الاريحي وسائله
وانت الكمي الأريحى فتى الوري
فرو سحابا ينعش الجدب هامله
والا فمن يجلو الحوادث شمسه
وتكفى به من كل خطب نوازله
وقال وقد تأخرت سفينة يتوجه بها الى زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)
لئن عاقني عن قصد ربعك عائق
فوجدى لانفاسى اليك طريق
تصاحب الرواح الشمال اذا سرت
فلا عائق اذ ذاك عنك يعوق
ولو سكنت ريح الشمال لحركت
سواكنها نفس اليك تشوق
Shafi 9
اذا نهضت روح الغرام وخلفت
نجوما يجيل الوامقين وميق
وليس سواء جوهر متأبد
له نسب في الغابرين عريق
وجسم تباريه الحوادث ناحل
ببحر الفتوق الفاتكات غريق
اسير بكف الروح يجري بحكمها
وليس سواء موثق وطليق
وفى الحوادث الجامعة لابن الفوطى ص 152 وقع فى سنة 640 حريق في مشهد (سر من راى) فاتى على ضريحى علي الهادى والحسن العسكرى (عليهما السلام) فتقدم الخليفة المستنصر بالله بعمارة المشهد المقدس والضريحين الشريفين واعادتهما الى اجمل حالاتهما وكان الضريحان مما امر بعملهما البساسيرى
فقال السيد الفقيه جمال الدين احمد بن موسى بن طاوس الحسنى في هذا كلاما بديعا وجمع فيه جزءا نظما ونثرا- منه-
لا يلزم من الحادث المتجدد قدح في شرف من انظمت هاتيك الاعواد على- مقدس جثتيهما بل يكون في ذلك برهان واضح شاهد بحلاليتهما لان روحى من وقعت الاشارة اليهما خالية من عرصات اللحود ساكنة فى حضرة الملك المعبود والشرف التام لجواهر النفوس دون من عداها عند من يذهب الى وجود معناها وقد ذكر فى التواريخ أن صاعقة سماوية نزلت في المسجد الحرام فلم يقدح ذلك في شرفه وللسيدين الطاهرين (صلوات الله عليهما) مناقب مذكورة ومفاخر مشهورة تحتوى عليها الكتب تشهد بحراستهما من الوهن ونزاهتهما من الطعن
Shafi 10
هم معشر حبهم دين وبغضهم
كفر وقربهم منجى ومعتصم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم
ويسترب به الاحسان والنعم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم
في كل بدء ومختوم به الكلم
يأبى لهم ان يحل الذم ساحتهم
خيم كريم وايد بالندى هضم
ومن المؤسف ان ابن الفوطى لم يأت على تمام ذلك الجزء من النثر
Shafi 11
آثاره
ذكر تلميذه الحسن بن داود في رجاله تاليفاته بلغت اثنين وثمانين مجلدا ولم يأت عليها وانما ذكر منها (1) بشرى المحققين في الفقه ست مجلدات (2) ملاذ علماء الامامية في الفقه اربع مجلدات (3) كتاب الكرم مجلد (4) السهم السريع فى تحليل المداينة او المبايعة مع القرض مجلد (5) الفوائد العدة في اصول الفقه مجلد (6) الثاقب المسخر على نقض المشجر فى اصول الدين (7) الروح فى النقض على ابن ابى الحديد (8) شواهد القرآن (9) زهرة الرياض فى المواعظ (10) الاختيار في ادعية الليل والنهار (11) الازهار فى شرح لامية المهيار (12) عمل اليوم والليلة (13) ديوان شعره (14) كتاب ايمان ابي طالب (15) حل الاشكال في معرفة الرجال (1) جمعه على ما فى الذريعة الى مصنفات الشيعة للحجة المدقق الشيخ آغا بزرك ج 3 ص 385 من كتب خمسة رجال الشيخ الطوسي وفهرسته ورجال النجاشى والكشى ورجال ابن الغضائري وهو الذي حرره ورتبه الشيخ حسن بن الشهيد الثاني وسماه التحرير الطاوسى قال فى (اللؤلؤة) كان فراغ السيد جمال الدين من كتابه (حل الاشكال) في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة 644 في داره المجاورة لدار
Shafi 12
جده الشيخ ورام بن ابي فراس كما ذكر السيد نفسه (16) المقالة العلوية في نقض الرسالة العثمانية للجاحظ قال شيخنا النوري عندنا نسخة من هذه المقالة بخط تلميذه تقى الدين الحسن بن داود صاحب الرجال تاريخها سنة 665 وقد قرأها على المصنف وعليها تعليقات بخط المصنف وفى اعيان الشيعة ج 10 ص 279 رأيت نسخة من المقالة العلويه في مكتبة العلامة الشيخ محمد رضا الشبيبى واخرى فى كرمانشاه منقولة عن خط تلميذه الحسن بن داود وهى من موقوفات الحضرة الغروية الحيدرية
Shafi 13
عين العبرة
لقد شن الدهر غارته على تلك النفائس من آثار السيد جمال الدين فلا تكاد تقف على شيء منها نعم زويت عن مخالب الدهر (عن العبرة فى غبن العترة) قال شيخنا النوري رايت منها نسخة عليها خط الحر العاملي وقال الحر العاملي فى اجازته للمولى محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي اجزت له رواية (عين العبرة فى غبن العترة) للسيد احمد بن طاوس (1)
وفي روضات الجنات ص19 من جملة ما نسبه اليه الحسن بن داود كتاب عين العبرة فى غبن العترة وقد بنى فيه على التكلم فى الآيات الواردة في شأن اهل البيت وتحقيق ذلك مع الآيات النازلة في بطلان طريقة مخالفيهم وهو نادر فى بابه مشتمل على فوائد جليلة لم توجد فيه غيره
واسنده في مقدمة الكتاب الى (عبد الله بن اسماعيل) ثم تكرر منه هذا الاسناد في اثناء الكتاب والوجه فيه ملاحظة التقية وعندنا منه نسخة طريفة كلها بخط شيخنا الشهيد الثانى أعلى الله مقامه
وعلى ظهر الكتاب بخطه الشريف ما هذا صورته (كتاب عين العبرة في غبن العترة) تأليف عبد الله بن اسماعيل سامحه الله وجدت بخط شيخنا الشهيد- الاول- على ظهر الكتاب ما هذا صورته من تصانيف
Shafi 14
السيد السعيد العلامة جمال الدين ابي الفضائل احمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن احمد بن محمد الطاوس الحسينى وانتسابه الى عبد الله بن اسماعيل لان كل العالم عباد الله ولانه من ولد اسماعيل الذبيح انتهى كلام الشهيد
قال صاحب الروضات وهذه التعمية جارية عند آل طاوس فقد استعملها اخوه رضى الدين علي بن طاوس في كتابه (الطرائف) وسمى نفسه عبد المحمود بن داود الذمي اما التسمية بعد المحمود فكما تقدم في أخيه السيد أحمد من تسميته عبد الله وأما النسبة إلى داود فهو اشارة الى جده داود بن الحسن المثنى صاحب الدعاء المعروف بدعاء ام داود والا فالكتاب لا ريب فى انه من مؤلفات السيد جمال الدين احمد بن موسى اه
وان المواقف على سيرة هؤلاء السادة الاجلاء ومخالطتهم لارباب الدولة وعلماء العامة واكثر سكناهم في بغداد يعرف الوجه فى هذه التعمية فان مداراتهم لاولئك الجماعة للتحصيل على الغايات المطلوبة لهم من اغاثة الملهوفين من الشيعة ونصرتهم وقضاء حوائجهم تدعوهم الى عدم التظاهر بما يوجب النفرة عنهم فيفوت الغرض المطلوب
لقد كانت هذه النادرة (عين العبرة فى غبن العترة) مختبئة فى زوايا المكتبات معتقلة عند من لا يرى لجهد العلماء وسهرهم واتعابهم فى البحث المتواصل قيمة تذكر حتى تلطف الموالى سبحانه على الامة بشيخنا حجة الاسلام الثقة الثبت الشيخ ميرزا محمد الطهرانى نزيل سامراء حفظه الله
Shafi 15
ومد في عمره فنسخها وسمح بالكتاب تسهيلا للقراء في الوقوف على ما حواه من الآيات البينة والاحاديث الطريفة وليس هذا ببدع من شيخنا الحجة ايده الله فان الواقف على سيرته ونفسيته الطاهرة لا يحيد عن الاذعان بهذه المكرمة ويؤمن بان شيخنا الجليل لم يجد في هذا منة على احد وانما هو توفيق ساقه اليه المولى تعالت آلاؤه وان العناية الربوبية شملته وهو دون واجبه في نشر المعارف الالهية والدعوة الى اهل البيت (عليهم السلام)
وهذا هو الجهاد الاكبر الذي يشير اليه الامام الباقر (عليه السلام) بقوله: رحم الله من احيا امرنا ودعا الى ذكرنا
Shafi 16
صورة خط الحر العاملى
ان هذه النسخة الماثلة للطبع استنسخها آية الله الشيخ ميرزا محمد الطهرانى على نسخة صاحب (الوسائل) وكتب على ظهرها ما هذا نصه استنسخة هذا الكتاب عن نسخة الشيخ النبيل محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب الوسائل وكان على ظهر نسخته ما هذا صورته التي كتبها بيده الشريفة:
(هذا الكتاب من مؤلفات السيد الجليل جمال الدين احمد بن موسى بن طاوس الحسنى (رحمه الله) وانما غير اسمه لانه كان مع الخلفاء في بلد واحد غالبا وانما سمى نفسه عبد الله لان الخلق كلهم عبيد الله وانما قال ابن اسماعيل لانه من اولاد اسماعيل بن ابراهيم الخليل (عليه السلام) ووصف صادق عليه وقد رأيت نسخة من هذا الكتاب بخط الشيخ محمد بن المؤذن البحرينى وعليها خط الشهيد (رحمه الله) بما ذكرناه ومثل ذلك فعل اخوه رضي الدين علي بن موسى بن طاوس فى كتاب (الطرائف) حيث سمى نفسه عبد المحمود بن داود وقد رأيت بخط الشهيد الثانى على نسخة كتاب الطرائف صورة ما اشرنا اليه وقد ذكره في علي بن طاوس في جملة مصنفاته «كتاب كشف المحجة» وغيره والله اعلم)
حرره محمد بن الحسن
Shafi 17
لقد قام المهذب الكامل صاحب المطبعة الحيدرية ومكتبتها فى النجف الأشرف الاستاذ (محمد كاظم الحاج شيخ صادق الكتبى) بنشر هذا الكتاب الفريد فى بابه وسهل الوقوف عليه والاستفادة مما حواه من نفسيات «وصى الرسول الاقدس» وابنائه المعصومين (عليهم السلام) وان الامة كيف فاتتها الاستنارة بتلك المزايا الحميدة والحضوة بتلك الدرة الثمينة فاخذت تتردد في حنادس الشبهات والشكوك
وليست هذه المأثرة بواحدة من مساعى الاستاذ الكتبي فلقد كان مجدا في احياء مآثر العلماء الاعلام ساعيا في نشر ما اندثر من مؤلفات السلف الصالح فالى المهيمن جل شأنه نبتهل ان يوفقه للدئوب على هذه الخدمات الجليلة المشكورة عند آل الرسول الاعظم (صلوات الله عليهم اجمعين)
(ان الله لا يضيع اجر المحسنين)
وفاته
فى خاتمة مستدرك الوسائل لشيخنا النورى ج 3 ص 466 ان وفاته كانت في سنة 677 هج وفى روضات الجنات ص 19 دفن بالحلة وقبره فيها معروف مشهور يقصده الموافق والمخالف بالهدايا والنذور وفى منتهى المقال لأبي علي الحائرى ص 46 بعد ان وافق على مدفنه بالحلة قال وتحرج العامة فضلا عن الخاصة الحلف به كذبا للكرامات الظاهرة منه
Shafi 18
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم قال عبد الله بن إسماعيل الكاتب سامحه الله الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة مخلص لجنابه في الإشهاد راج لحبائه يوم الإشهاد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صفوة صفوته وخيرة خيرته صلى الله عليه وعلى الغرر من آله صلاة فارة عن حصر العدد قارة في حصن الذخائر والعدد. وبعد فإن من سلف من الأفاضل جمع ما اتفق له من أسباب نزول آيات من الكتاب المجيد في رضي الله من خليقته أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وفروع دوحته وقد رأيت لائقا أن يضم إلى ذلك شيء مما ورد في مناقبهم من التنزيل وتوابع ذلك ليبين فضل السادات على غيرهم بالتفضيل للسالك مقتصرا على رواية من لا يتهم على المنافين في محبتهم أو يطعن عليه في درايته قاصدا إلى ما حضرني مما رواه أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي في كتابه كشف البيان أو رواه علي بن أحمد الواحدي في تأليفه الوسيط في تفسير القرآن وإن اتفق غير هذا خلوا من ممارسة العناء وتتبع مدى الغايات في أقوال العلماء أثبته وفي القليل من رواية هذين الشخصين إيضاح لما أغفلته اعتبارا بها أنه إذا دلت الجزئيات
Shafi 1
على الغرض فما علمك بكليها وإذا سالت فروع الشوامخ يزداد وسميها فما جزمك بأساسها عند روي وليها وبالله التوفيق والعصمة.
فمن ذلك في سورة البقرة
قال أبو إسحاق الثعلبي : في آخر سورة البقرة عند قوله تعالى إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله @HAD@ ما صورته روت الرواة بألفاظ مختلفة قال: لما نزلت هذه الآية جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار إلى النبي ص فجثوا على الركب وقالوا: يا رسول الله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وأن له الدنيا وما فيها وإنا لمأخوذون بما نحدث به أنفسنا هلكنا والله وكلفنا من العمل ما لا نطيق قال النبي ص فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل لموسى (ع) سمعنا وعصينا
بقوله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها @HAD@ الآية فنسخت هذه الآية التي قبلها فقال رسول الله ص إن الله تعالى قد تجاوز لأمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعلموا أو يتكلموا به.
قال عبد الله بن إسماعيل سامحه الله تعالى إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بات على فراش رسول الله ص بأمره لم يتهمه في رسم ولم يناظره في حكم حسب ما رواه الثعلبي وغيره متلقيا أخطار المنية بمهجته مستريحا إلى خشونة الموت ووحشته ولا يقال إن
Shafi 2
حديث النفس لا يمكن التخلص منه بخلاف الصبر على الموت فإن كثيرا لم يحيدوا عنه لأن الجواب بما أن الله تعالى كامل والكامل لا يكلف بالمحال ولا يأمر بالسعي مع تعذر المجال فإن كان القائل ما عرف هذا فالإشكال عليه بعدم معرفته وإن كان عرف فالإشكال وارد في وصف الله تعالى عمدا بغير صفته وإن كان شاكا فالإشكال بعدم المعرفة موجود ولو فرضنا كونه تعالى مكلفا بالمحال فالحرج عند رسم الله تعالى حصل وهو محذور ثم إن الحديث الذي يجري في النفس المشار إليه في القصة مشعر بشدة ما تجري في النفس وهو بعد إظهار الإسلام وإعلانه عند الاعتبار محذور كبير صعب وأما قول من قال إن الآية منسوخة بما أشار إليه فممنوع إن كان بنى على أن الآية الأولى مضمونها التكليف بما لا تصل القدرة إليه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا إنما أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلف كما قال العارف ص يسيرا.
ومن كتاب الكشف والبيان عند قوله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض
قال روى الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال : لما كان يوم بدر وجيء بالأسرى قال رسول الله ص ما تقولون في هؤلاء؟ فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله أن يتوب عليهم وخذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار قال عبد الله بن مسعود فلما كان من الغد جئت رسول الله ص فإذا هو وأبو بكر قاعدان
Shafi 3