Dawowar Mutuwar Bakar Fata
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Nau'ikan
في يناير عام 1348 وصل المرض البندقية أيضا ربما عن طريق البحر من صقلية. يفيد أحد التقديرات المعاصرة أن تعداد الوفيات كان 100 ألف نسمة، مع أن هذا رقم مبالغ فيه على الأرجح. كتب أحد أهل البندقية قائلا:
أجرى شخص معين عملية فصد لدمي، فانفجر الدم في وجهه. في اليوم نفسه سقط مريضا، وفي اليوم التالي وافته المنية؛ وبنعمة الله نجوت أنا. أسجل هذا لأن مجرد التواصل مع المريض كان ينقل الطاعون المميت إلى الشخص السليم ... من أجل ذلك كان الأصحاء يحرصون بشدة على تجنب المرضى. حتى الكهنة والأطباء كانوا يفرون من المرضى في خوف، والجميع كانوا يتحاشون الموتى. وفي أماكن ومنازل كثيرة، عندما كان يموت أحد قاطنيها، سرعان ما يلحق به الباقون واحدا تلو الآخر. وكانت أعداد الموتى هائلة بحق، حتى إنه تعين تخصيص مدافن جديدة في كل مكان.
هل يمكن أن يستوقفنا شيء هنا؟ أكان الرجل الذي فصدت دماؤه يعاني من الطاعون ومع ذلك شفي؟
يعتقد أن شخصا غريبا (على ما يبدو هو شخص مصاب فعليا بالعدوى) قد جلب المرض إلى بادوفا، وكان الدمار الناتج هائلا؛ فقد مات ثلثا السكان، وهو عدد صاعق؛ فكان إذا مرض أحد أفراد الأسرة، سرعان ما تلحق به الأسرة بأكملها. أكان هذا خيطا مهما لفهم طبيعة المرض؟
ضرب الطاعون بيزا، في الغالب عن طريق ميناء ليجهورن، في مارس عام 1348. من هناك انتشر الطاعون شمالا إلى توسكانا وجنوبا إلى روما. لقد كانت إيطاليا مدمرة بحق.
في تلك الآونة كانت أوروبا فعليا تخوض حربا مع الطاعون، وعلى ما يبدو كان هذا الصراع ميئوسا منه؛ إذ كان هذا المرض يفوق قدرة الأفراد بالكامل على الاستيعاب أو تجاربهم في الحياة. كان العدو خفيا ولم يكن أحد يدري متى وأين سيظهر بعد ذلك. وعندما كان يوجه ضربته، لم يكن بمقدور الناس الدفاع عن أنفسهم وكان الكثيرون يسقطون أمامه، وكلما انتابهم الهلع وهربوا، ازداد انتشار المرض. كانت الغلبة للطاعون دائما.
من جنوة انتقل الطاعون إلى بياتشنزا التي تبعد نحو 60 ميلا (100 كيلومتر) إلى الشمال الشرقي، كتب جابرييل دي موسي، أحد قاطني بياتشنزا، الذي كان يعمل كاتب عدل:
لكن بصفتي أحد قاطني بياتشنزا طلب مني أن أكتب المزيد عنها، لعله يتضح ما حدث هناك عام 1348. بعض من أهل جنوة الذين فروا من الطاعون المتفشي في مدينتهم ارتحلوا شمالا وسكنوا في بوبيو، وهناك باعوا السلع التي جلبوها معهم. وسرعان ما كان المرض يضرب الشاري هو وكل أفراد عائلته وكثير من جيرانه ليموتوا جميعا. تمنى أحد هؤلاء أن يحرر وصيته؛ فاستدعى كاتب عدل والكاهن الذي يعترف له بخطاياه والشهود اللازمين، وفي اليوم التالي دفن كل هؤلاء معا. اشتدت البلية لدرجة أنه سرعان ما سقط كل سكان بوبيو تقريبا ضحايا للمرض، ولم يتبق في المدينة سوى الأموات.
في ربيع عام 1348 قدم فرد آخر من أبناء جنوة المصابين بالطاعون إلى بياتشنزا. لقد قصد صديقه فولتشينو ديلا كروتشا الذي استضافه في منزله، بيد أنه مات بعدها مباشرة، وسرعان ما مات فولتشينو أيضا هو وكامل عائلته وكثيرون من جيرانه. رأى جابرييل دي موسي بوضوح أن هذا المرض ينتقل مباشرة من إنسان إلى آخر. استطرد جابرييل قائلا:
كان الطاعون قد انتشر في كل أنحاء المدينة خلال فترة زمنية قصيرة. لا أعرف من أين أبدأ: النحيب والعويل في كل مكان، معدل الوفيات كان هائلا جدا؛ ومن ثم تملك الناس رعب شديد. أعداد الموتى أصبحت لا حصر لها، والأحياء حسبوا أنفسهم في تعداد الهالكين واستعدوا للقبر.
Shafi da ba'a sani ba