خليل بك (يقاطعه مداعبا) :
وبعد ذلك ذهبت إلى منزل حبيب سعادة، وللنكاية - وللنكاية فقط - جلست منشدا حتى الصباح!
بولس الصلبان :
جلست منشدا حتى الصباح؛ لأني أردت أن أفرغ مكنونات قلبي؛ لأنني أردت أن ألقي حملا ثقيلا عن عاتقي؛ لأني أردت أن أعاتب الليل، والحياة، والدهر؛ لأنني شعرت بحاجة ماسة إلى شد تلك الأوتار التي تراخت في منزل الباشا. أما إذا كنت تظن يا خليل بك أنني أردت النكاية فلك الحق أن تفتكر بما تريد، إن الفن طائر حر يسبح محلقا عندما يشاء، ويهبط إلى الأرض عندما يشاء، وليس من قوة في هذا العالم تستطيع تقييده أو تغييره، الفن روح سام لا يباع ولا يشترى، وعلى الشرقيين أن يعرفوا هذه الحقيقة المطلقة، أما الفنيون بيننا، وهم أندر من الكبريت الأحمر، فعليهم أن يكرموا نفوسهم؛ لأنهم الإناء الذي يملأه الله خمرة علوية.
يوسف مسرة :
إني متفق معك يا بولس، ولقد أبنت أفكاري في هذا الموضوع بصورة لا أستطيع أنا إظهارها، أنت ابن الفن أما أنا فباحث بالفنون، والفرق بيننا هو كالفرق الكائن بين العنب الحامض، والخمرة المعتقة.
سليم معوض :
الصلبان يتكلم مثلما ينشد، وليس على سامعه إلا الاقتناع والإذعان.
خليل بك :
لم أقتنع بعد ولن أقتنع، وما فلسفتكم هذه إلا إحدى تلك العلل المتسربة إلينا من بلاد الإفرنج.
Shafi da ba'a sani ba