ماذا تطلبون مني يا بني أمي ، بل ماذا تطلبون من الحياة، والحياة لم تعد تحسبكم من أبنائها؟
أرواحكم تنتفض في مقابض الكهان والمشعوذين، وأجسادكم ترتجف بين أنياب الطغاة والسفاحين، وبلادكم ترتعش تحت أقدام الأعداء والفاتحين، فماذا ترجون من وقوفكم أمام وجه الشمس؟
سيوفكم مغلفة بالصداء، ورماحكم مكسورة الحراب، وتروسكم مغمورة بالتراب، فلماذا تقفون في ساحة الحرب والقتال؟
دينكم رياء، ودنياكم ادعاء، وآخرتكم هباء، فلماذا تحيون والموت راحة الأشقياء؟ •••
إنما الحياة عزم يرافق الشبيبة، وجد يلاحق الكهولة، وحكمة تتبع الشيخوخة، أما أنتم يا بني أمي فقد ولدتم شيوخا عاجزين، ثم صغرت رؤوسكم، وتقلصت جلودكم، فصرتم أطفالا تنقلبون على الأوحال، وتترامون بالحجارة.
إنما الإنسانية نهر بلوري يسير متدفقا، مترنما، حاملا أسرار الجبال إلى أعماق البحر، أما أنتم يا بني أمي، فمستنقعات خبيثة تدب الحشرات في أعماقها، وتتلوى الأفاعي على جنباتها.
إنما النفس شعلة زرقاء متقدة مقدسة تلتهم الهشيم، وتنمو بالأنواء، وتنير أوجه الآلهة، أما نفوسكم يا بني أمي فرماد تذروه الرياح على الثلوج، وتبدده العواصف في الأودية.
أنا أكرهكم يا بني أمي؛ لأنكم تكرهون المجد والعظمة.
أنا أحتقركم؛ لأنكم تحتقرون نفوسكم.
أنا عدوكم لأنكم أعداء الآلهة، ولكنكم لا تعلمون.
Shafi da ba'a sani ba