============================================================
رسول الله يقول: "ألا إن مثل المؤمنين فى توادهم وتحايهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالسهر والحمى"(1).
والتآلف والتودد يؤكدان أسباب الصحبة، والصحبة مع الأخيار مؤثرة جدا.
قد قيل: لقاء الإخوان لقاح، ولا شك أن البواطن تتلقح ويتقوى البعض بسالبعض، بل مجرد النظر إلى أهل الصلاح يؤثر صلاحا، والنظر فى الصور يؤثر أخلافا مناسبة لخلق المنظور إليه كدوام التظر الى المحزون يحزن، ودوام النظر إلى المسرور يسر، وقد قيل: من لا ينقعك لحظه لا يتفعك لفظه، والجمل الشرود يصير ذلولا بمقارنة الجمل الذلول؛ فالمقارثة لها تأثير فى الحيوان والثبات والجماد، والماء والهواء يفسدان بمقارثة الجيف، والزروع ثنقى عن أثواع العروق فى الأرض والنبات لموضع الإفساد بالمقارنة، وإذا كانت المقارنة مؤثرة فى هذه الأشياء ففى النفوس الشريفة البشرية اكثر تأثيرا، وسمى الإنسان إنسائا لأنه يأنس بما يراه من خير وشر. والتآلف والتودد مستجلب للمزيد، وإنما العزلة والوحدة تحمد بالنسبة إلى أرادل الناس وأهل الشر، فأما أهل العلم والصفاء والوفاء والأخلاق الحميدة فيغتنم مقارنتهم والاستثناس بهم استثناس بالله تعالى، كما أن مخبتهم محبة الله، والجامع رابطة الحق، ومع غيرهم رابطة الطبع، فالصوفى مع غير الجنس كائن بائن، ومع الجنس كائن مغابن(2)، والمؤمن مرآة المؤمن إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء أقواله وأعماله وأحواله تجليات إلهية، وتعريفات وتلويحات من الله الكريم خفية، غابت عن الأغبار، وأدركها أهل الأنوار ومن أخلاق الصوفية: شكر المحسن على الإحسان والدعاء له، وذلك منهم مع كهال توكلهم على ربهم وصفاء توحيدهم، وقطعهم النظر إلى الأغيار، ورؤيتهم النعم من المتعم الجيار، ولكن يفعلون ذلك اقتداء برسول الله ، على ما ورد أن رسول الله خطب فقال: "ما من الناس أحذ أمن علينا فى صحبته وذات يوم يده من ابن أبى قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خلياا(4 وقال: "ما نفعنى مال كمال أيى بكر"(4) فالخلق حجبوا عن الله بالخلق فى المنع والعطاء.
فالصوفى فى الابتداء يفنى عن الخلق، ويرى الأشياء من الله حيث طالع تاصيته التوحيذ وخرق الحجاب الذى منع الخلق عن صرف التوحيد، فلا يثبت للخلق منعا (1) متفق عليه.
(1) ضيف منلوب.
(3) رواه الترمذى.
(4) رواه النسائى.
Shafi 94