============================================================
من غير أن يكون وعاء لحقيقة، قلا ئبنى على ذلك ولا يلتفت إليه، فليس ذلك واقعة واتما هو خيال فأما إذا غاب الصادق فى ذكر الله تعالى حتى يغيب عن المحسوس بحيث لو دخل عليه داخل من الناس لا يعلم به؛ لقييته فى الذكر، فعند ذلك قد ينبعث في الابتداء من نفسه مثال وخيال ينفخ فيه روح الكشف.
فإذا عاد من غيبته، قإما يأتيه تفسيره من باطنه موهبة من الله تعالى، وإما يفسره له شيخه كما يعير المعير المنام ويكون ذلك واقعة ، لأنه كتشف حقيقة فى لبسة مثال.
وشرط صحة الواقعة الإخلاص فى الذكر أولا، ثم الاستغراق فى الذكر ثانيا، وعلامة ذلك: الزهد فى الدنيا، وملازمة التقوى، لأن الله تعالى جعله بما يكاشف به فى واقعته مورد الحكمة، والحكمة تحكم بالزهد والتقوى.
وقد يتجرد للذاكر الحقائق من غير لبسة المثال، فيكون ذلك كشفا وإخبارا من الله تعالى إياه، ويكون ذلك تارة بالرؤية، وتارة بالسماع.
وقد يسمع فى باطنه، وقد يطرق ذلك من الهواء لا من باطنه، كالهواتف يعلم بذلك أمرا يريد الله إحداثه له أو لغيره، فيكون إخبار الله إياه بذلك مزيدا ليقينه، أو يرى فى المنام حقيقة الشىء.
نقل عن بعضهم آنه: آتى بشراب فى قدح، فوضعه من يده وقال: قد حدث فى العالم حدث، ولا أشرب هذا دون أن أعلم ما هو، فاتكشف له أن قوما دخلوا مكة وقتلوا فيها.
وحكى عن أبى سليمان الخواص قال: كنت راكبا حمارا لى يوما، وكان يؤذيه الذباب فيطأطىء رأسه، فكنت أضرب رأسه بخشبة كانت فى يدى، فرفع الحمار رأسه إلى وقال: اضرب، فإئك على رأسك تضرب قيل له: يا أيا سليمان وقع لك ذلك، أو سمعته؟! فقال: سمعته يقول كما سوعتنى.
وحكى عن أحمد بن عطاء الروذبارى(1) قال: كان لى مذهب فى أمر الطهارة، فكنت لياسة من الليالى أستنجى، إلى أن مضى ثلث الليل ولم يطب قلبى، فتضجرت، فبكيت، وقلت: يا رب، العفو فسمعت صوئا، ولم أر أحدا يقول: يا أبا عبد الله العلو فى العلم.
(1) هو ابن اخت الشيخ أبى على الروذيارى شيخ الشام فى ولته. مات سنة/ تسع وستين وثلاثمائة و انظر ترجمته منصلة فى الجزء الأول - الرسالة القشيرية ص184:
Shafi 46