الفرق بين ما جاء في علي وما جاء في الأنصار
على أن هنا فرقا بين علي والأنصار يظهر من لفظ الحديثين الواردين في هذه المنقبة إذ الوارد عن الشارع (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق الأنصار رتب فيه الحكم على الصفة المشتقة من النصر وهي لفظ الأنصار وفيه إيماء إلى العلة وهي النصر ويدل عليه عدوله إليه عن نحو أبناء قيلة أو الأوس والخزرج مثلا وهذا هو مسلك من مسالك العلة يسميه الأصوليون بالإيماء، قالوا: ومن الإيماء ترتيب الحكم على وصف مشتق نحو اكرم العلماء فترتيب الإكرام على العلم القائم بالعلماء لو لم يكن لعلية العلم له لكان بعيدا، فكذا يقال في ترتيب الحكم على النصر القائم بالأنصار وأما الوارد في حق الإمام علي (عليه السلام) فقد رتب الشارع فيه الحكم وهو إثبات النفاق للمبغض والإيمان للمحب على ذات علي وباسمه العلم، فلو علم الشارع إمكان تلبس علي بأي صفة تسوغ بغضه ولا يكون مبغضه لأجلها منافقا لما رتب الحكم بالنفاق على اسمه العلم بدون تقيد.
فالسياق دال على أن ذات علي (عليه السلام) قدسية مطهرة لا تنفك عنها صفاتها التي لا يتصور أن يبغضه لواحدة منها إلا المنافق فانتفت دعوة المساواة بين علي والأنصار وظهر الفرق جليا، قرر هذا شيخنا العلامة السيد أبو بكر بن شهاب الدين جزاه الله أحسن الجزاء وهو واضح وجلي.
وهناك فرق آخر وهو أن الشارع رتب الحكم في بغض الأنصار على الجمع المحلي بالألف واللام ولا يلزم من هذه الصيغة استغراق جميع الأفراد فردا فردا لأنها قضية غير مسورة والأنصار عدد كثير وفيهم من ليس محسنا فالحكم بالنفاق إنما يكون على مبغض جمهورهم المحسن المتحقق فيهم وجود تلك العلة الموما إليها، ولا كذلك الأمر في حق أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وهذا بين ظاهر.
Shafi 28