نحيل وأضحي في النعيم أصمم
فشتان ما بيني وبين ابن خالد
أمية في الرزق الذي الله قاسم
ثم التفت إلي فقال: «يا أبا الحارث، إنا وإياك لنجري إلى غاية، إن قصرنا عنها ذممنا، وإن اجتهدنا في بلوغها انقطعنا، وإنما نحن شعب من أصل إن قوي قوينا، وإن ضعف ضعفنا، إن هذا قد ألقى بيده إلقاء الأمة الوكعاء يشاور النساء، ويعتزم على الرؤيا، وقد أمكن بمسامعه ما معه من أهل اللهو والجسارة، فهو يعدونه الظفر ويمنونه عقب الأيام، والهلاك أسرع إليه من السيل إلى قيعان الرمل، وقد خشيت والله أن نهلك بهلاكه، ونعطب بعطبه.»
الفصل الثاني
المأمون
(1) توطئة
لننتقل الآن إلى حداثة المأمون، ولنتبع في دراستنا له نفس الطريقة التي ترسمناها حين دراستنا لحداثة الأمين، فنتكلم عن مولده، كما نتكلم عن نشأته وأخلاقه محاولين أن نجمع شتات المعلومات التاريخية في هذا الصدد، وأن ننظر فيها نظرة تفهم واستيعاب وإمعان ومقارنة وموازنة بما يقتضيه المقام من إجمال وإيجاز. (2) مولده
ولد عبد الله المأمون لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة هجرية، وهي التي استخلف فيها الرشيد، فلما بشر بمولده سر به سرورا عظيما، وسماه المأمون تيمنا بذلك، وأمه أم ولد باذغشية تسمى «مراجل»، ويقال: إنها تمت إلى أسرة عريقة في المجد من الأسر الفارسية.
نشأ المأمون في حجر الخلافة، وتهيأ له من وسائل التربية والتثقيف ما لم يتهيأ إلا لأخيه الأمين، وكانت ظاهرة عليه مخايل النجابة والذكاء وبعد الهمة والتعالي بنفسه عن سفساف الأمور.
Shafi da ba'a sani ba