Casjad Masbuk
العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك
Nau'ikan
سار التتر في شهر صفر الى مراغة من اعمال اذربيجان فحصروها وليس بها صاحب 77 يمنعها فقاتلهم اهلها فنصبوا عليها المجانيق وزحفوا اليها بالمجانيق واقاموا عليها عدة ايام ثم ملكوا المدينة عنوة يوم الرابع من صفر ووضعوا السيف في اهلها فقتل منهم ما يخرج عن الحد ونهبوا ما ارادوا قال ابن الاثير 78:وبلغني ان امرأة من التتر دخلت دارا فقتلت فيه جماعة وهم يظنونها رجلا ثم وضعت السلاح فاذا هي امرأة فقتلها رجل. قال وسمعت ان رجلا من التتر دخل دربا فيه اكثر من مائة رجل فما زال يقتلهم واحدا واحدا 132 أ/حتى أتى على آخرهم ولم يمد احدهم اليه يده بسوء، ثم رحلوا نحو مدينة اربل 79 فجاءت كتب مظفر الدين صاحب اربل الى بدر الدين صاحب الموصل 80 يطلب منه نجدة من العساكر فسير اليه جمعا صالحا من عسكره ووصلت كتب الخليفة ورسله الى الموصل والى مظفر الدين والى الملك الاشرف يأمر الجميع بالاجتماع مع عساكره بمدينة دقوقا 81 فاعتذر الملك الاشرف بالمسير الى اخيه بالديار المصرية خوفا عليها من الفرنج. وسار مظفر الدين من اربل في شهر صفر وسار اليه جمع من عسكر الموصل، فاجتمعوا بدقوقا وسير الخليفة مملوكه قشتمر 82 في عدة الأمراء، معهم ثمانمائة فارس، فاقاموا جميعا بداقوقا ليتصل بهم عساكر 83 الخليفة وكان المقدم على الجميع مظفر الدين صاحب اربل، فلما سمع التتر باجتماع العساكر لهم رجعوا القهقري، واقام العسكر الاسلامي عند داقوقا فلما رأوا أن العدو قد رجع عنهم وان المدد منقطع عنهم رجعوا الى بلادهم، وسار التتر الى همذان فنزلوا بالقرب منها وكان لهم بها شحنة 84 يحكم فيها فأمره ان يطلب من اهلها مالا وثيابا وكان اهل همذان قد عدموا المال لكثرة المدارة لهم في طول المدة، وكان رئيس همذان شريفا علويا وهو من بيت رئاسة قديمة فطلبوا الشحنة وعرفه أن يسعى فيهم في جمع المال فعجز اهل المدينة من تحصيل شيء لهم فوثب العامة على الشحنة، فقتلوه وامتنعوا في البلد فحاصروهم التتر، وكانت الاقوات متعذرة لخراب البلاد، فقاتلوهم اياما واستظهر 85 عليهم وتحققوا ضعفهم، فزحفوا عليهم في شهر رجب من السنة المذكورة 86، ودخلوا المدينة قهرا بالسيف، وقاتلهم اهل المدينة داخل المدينة، حتى قتل من الفريقين ما لا يعلم الا الله وانهزم المسلمون فما سلم منهم الا من اختفى ثم اضرموا المدينة نارا. ورحلوا منها الى مدينة أردوبيل 87 فملكوها وقتلوا اهلها، وخربوا اكثرها، وساروا منها 88 الى تبريز وقد فارقها صاحبها اوزبك ابن البهلوان وكان اميرا متخلفا لا يزال منهمكا في الخمر ليلا ونهارا فلما سمع بمسير التتر من همذان فارق تبريز وقصد نقجوان 89 وسير اهله ونساءه الى خوى 90 فقام شمس الدين الطغرائي بأمر البلد وجمع الكلمة وقوى. نفوس الناس على الامتناع وحصن البلد، فلما وصل 91 التتر وعلموا بما هم عليه من إجتماع 92 الكلمة ارسلوا يطلبون منهم مالا وثيابا، فاستقر الأمر على قدر معلوم فسيروه اليهم فاخذوه، ودخلوا الى مدينة سراو 93 فنهبوها وقتلوا اهلها ورحلوا الى بيلقان 94 فنهبوا كل ما مروا عليه من البلاد والقرى وقتلوا من ظفروا به من اهلها فلما وصلوا بيلقان حصروها فاستدعى اهلها منهم رسولا يقررون معه الصلح فارسلوا اليهم رجلا من اكابرهم فقتله أهل بيلقان فزحف التتر اليهم 132 ب/وقاتلوهم حتى ملكوا المدينة في شهر رمضان، ووضعوا فيهم السيف فلم يبقوا على صغير ولا كبير ولا امرأة حتى انهم كانوا يشقون بطون الحوامل، ويقتلون الأجنة وكانوا يفجرون بالمرأة ثم يقتلونها، فلما فرغوا منها استقصوا ما حولها بالنهب والتخريب، وساروا الى مدينة كنجة 95 وهي أم [بلاد] 96 اران فعلموا بكثرة اهلها وشجاعتهم، فارسلوا الى اهلها يطلبون منهم المال والثياب، فحملوا اليهم ما طلبوا وساروا عنهم الى بلد الكرج، وكان الكرج قد اعدوا لهم واستعدوا. وسيروا جيشا الى طرف بلادهم ليمنعوا التتر عنها فلما وصل اليهم التتر لم يثبت الكرج بل ولوا منهزمين واخذهم السيف، ولم يسلم منهم الا الشريد، ونهبوا ما وصل اليهم من بلادهم وخربوها، وفعلوا بها ما هو عادتهم. وتوسطوا بلادهم فرأوا بلادا كثيرة المضايق، فلم يتجاسروا على الدخول فيها، فعادوا وداخل الكرج خوف شديد. قال ابن الاثير 97:سمعت بعض اكابر الكرج، وقد قدم رسولا انه قال: من حدثكم أن التتر قد انهزموا وأسروا فلا تصدقوه، ومن حدثكم انهم قتلوا فصدقوه فان القوم لا يفرون ابدا، ولقد اخذنا اسيرا منهم فالقى نفسه من الدابة التي هو عليها وما زال يضرب برأسه على الحجر حتى مات. ولم يسلم نفسه للأسر، فلا رحمه الله تعالى. ولما عادوا من بلد الكرج قصدوا دربند 98 شروان فحصروا مدينة شماخي 99 فقاتلوا اهلها فصبروا على الحصر واشتد القتال ثلاثة ايام فاشرفوا على أن يؤخذوا فقالوا السيف لا بد منه 100 فصبروا على مداومة القتال حتى مسهم التعب والكلال فملك التتر البلد، وقتلوا منه كثيرا، ونهبوا كثيرا من الاموال فاجتاحوها 101 فلما فرغوا منها ارادوا عبور البلد 102 فلم يقدروا على ذلك فارسلوا رسولا الى صاحب البلد يقولون له ليرسل اليهم رسلا يسعون بينهم في الصلح فأرسل عشرة من اعيان اصحابه فقتلوا واحدا منهم، وقالوا للباقين ان انتم عرفتمونا طريقا نعبر فيه 103 والا قتلناكم عن آخركم فدلوهم على طريق غير وافية، وجعلوا الدربند وراء ظهورهم فساروا في تلك الاعمال بين امم كثيرة مسلمين وكفار، منهم اللان واللكز وطوائف من الترك فنهبوها وقتلوا من اللكز كثيرا، ووقعوا بمن عداهم من اهل تلك البلاد، ووصلوا الى اللان وهم امم كثيرة وقد جمعوا فيها جمعا من قفجاق 1 يقولون لهم نحن وانتم واحد وهؤلاء اللان ليسوا منكم ولا منا ونحن نعاهدكم ان لا تتعرض لكم ونحمل اليكم من المال والثياب ما شئتم 2 واعتزلوا اموالهم وسبوا اولادهم وساروا الى قفجان على حين غفلة فاوقعوا بهم الاول فالاول 3 واخذوا منهم اضعاف ما حملوا اليهم وسمع من كان 133 أ/بعيد الدار منهم ففروا 4 من غير قتال، فبعضهم اعتصم بالجبال وبعضهم بالفياض ولحق بعضهم ببلاد الروس، واقام التتر في بلاد القفجاق وهي ارض كثيرة المرعى 5 في الشتاء والصيف وفيها اماكن باردة في الصيف واماكن حارة في الشتاء، ووصلوا الى مدينة سوادق 6، وهي مدينة قفجاق التي منها مادتهم وهي على بحر خزرية 7 والمراكب تصل اليها، فتشتري منهم قفجاق، ويبيعون عليهم الجواري والمماليك والبرطاس 8 والقندر والسنجاب 9 وغير ذلك مما في بلادهم وهو بحر 10 متصل بخليج القسطنطينية. ولما وصل التتر الى سوادق 6 ملكوها، وتفرق اهلها منها فبعضهم صعد الجبال بأهله، وماله، وبعضهم ركب البحر وسار الى بلاد الروم التي بيد المسلمين 11 وسارت طائفة منهم الى بلاد الروس، وهي بلاد متسعة واهلها يدينون بالنصرانية، فاتفقت كلمتهم على قتال التتر ان قصدوهم، واقام التتر في ارض 12 بلاد فارس الروس وهي قفجاق، ثم ساروا سنة عشرين 13 الى بلاد الروس، فاستعدوا الروس قفجاق، لقتالهم، وساروا اليهم فلما علم بها التتر رجعوا 14 فطمع الروس وقفجاق فيهم فجدوا في اتباعهم اثني عشر يوما ثم أن التتر عطفوا عليهم على غرة وقد ابعدوا عن بلادهم فاقتتلوا قتالا شديدا عدة ايام وانهزم الروس وقفجاق هزيمة عظيمة وكثر القتل فيهم فلم يسلم منهم الا القليل 15 ونهب جميع ما كان معهم وتبعهم التتر يقتلون ويخربون حتى خلا اكثرها من المساكن، ولما عاد التتر عنهم قصدوا 16 بلغار في آخر سنة عشرين وستمائة، فلما سمع بهم بلغار كمنوا لهم في عدة مكامن، وخرجوا اليهم فقاتلوهم واستجروهم حتى جاوزوا الكمين، فخرجوا عليهم من وراء ظهورهم واخذهم السيف من كل ناحية فقتل اكثرهم، ولم ينج منهم الا القليل، قيل كانوا نحو اربعة آلاف فساروا عائدين الى ملكهم جنكز خان وخلت ارض قفجاق منهم فعاد من سلم منهم الى بلادهم وهذا آخر اخبار التتر المغربة اصحاب جنكز خان لعنهم 17 الله اجمعين.
Shafi 389