184

Casjad Masbuk

العسجد المسبوك والجوهر المحكوك في طبقات الخلفاء والملوك

Nau'ikan

وأما جنكز خان فانه لما سير هذه الطائفة المغربة سير طائفة الى بلاد فرغانة. وسير 39 طائفة الى كلانة وهي قلعة حصينة على جانب جيحون فسارت كل طائفة الى الجهة التي امرت بقصدها ونازلتها واستولت عليها وفعلت من القتل والاسر والسبي والنهب والتخريب وانواع الفساد مثلما فعل صاحبهم، فلما فرغوا من ذلك عادوا الى ملكهم جنكز خان وهو بسمرقند فجهز جيشا عظيما مع احد اولاده نحو خوارزم وجهز جيشا آخر الى خراسان، فعبروا جيحون وقصدوا مدينة بلخ فطلب اهلها الامان فأمنوهم وتسلموا البلد، وجعلوا فيه شحنة، ولم يتعرضوا لأهله بسوء ولا اذى ثم ساروا الى الطالقان، وهي مملكة 40 تشتمل على عدة بلاد فيها قلعة حصينة يقال لها منصوركوه فحصروها مدة ستة اشهر يقاتلون اهلها ليلا ونهارا فلم يظفروا منهم بشيء فأرسلوا الى جنكز خان يعرفونه عجزهم عنها، فسار اليهم بنفسه فيمن معه من الجموع ومعه خلق من المسلمين اسرى وكان يأمرهم بمباشرة القتال والا قتلهم فيقاتلوا. فاقاموا عليها اربعة اشهر فقتل [من] 41 التتر عليها خلق كثير، فلما رأى جنكز خان ذلك امر 130 أ/ان يجمع له من الحطب والخشب ما امكن ففعلوا ذلك وامرهم بعمل تل من الخشب والتراب حتى وازوا القلعة وصعد الرجال فوقه، ونصبوا عليه منجنيقا، فكانوا يرمون به الى وسط القلعة فضاق اهلها ففتحوا الباب وخرجوا فحملوا 42 التتر حملة واحدة فسلم الخيالة منهم وقتل الباقون، ودخل التتر القلعة، فنهبوا الاموال وسبوا النساء والأطفال، ثم ان جنكز خان طلب اهل البلاد التي اعطاهم الامان، بلخ وغيرها، وسيرهم مع بعض اولاده الى مدينة مرو فوصلوا اليها 43، وقد اجتمع بها من المسلمين نحو من مائتي الف وهم معسكرون ظاهر مرو فاقتتلوا قتالا شديدا ثم انهزم المسلمون، فقتل التتر منهم كثيرا واسروا كثيرا، واعتصم الباقون بالمدينة فحصرهم التتر فيها اربعة ايام، فلما كان في اليوم الخامس ارسل التتر الى امير مرو، ويقولون لا تهلك نفسك واهل البلد فاخرج الينا ونحن نجعلك امير البلد ونرحل عنك، فأرسل يطلب الامان لنفسه واهل البلد فأمنوهم. فخرج اليهم فخلع عليه ابن جنكز خان، وقال له اريد ان تعرض على اصحابك الاجناد حتى ننظر من يصلح لخدمتنا، فلما حضروا عنده، قبض عليهم وعلى اميرهم، وقال اكتبوا الى تجار البلد وارباب الاموال في جريدة، وارباب الحرف والصناعات في جريدة اخرى ففعلوا 44 ذلك فلما وقف عليه أمر أن يخرج اهل البلد باهليهم واموالهم، فخرجوا ولم يبق فيه احد، فجلس على كرسي من ذهب، وامر بقتل الامير واصحابه فقتلوهم في ساعة واحدة، ثم اقتسموا اهل البلد، نساءهم واولادهم واموالهم. وطالب التجار وارباب الاموال بالاموال 45 وعذبهم اشد العذاب!! وامر باحراق المدينة فحرقت، ونهبت ثلاثة ايام، فلما كان في اليوم الرابع، أمر بقتل اهل البلد كافة فقتلوا عن آخرهم وامر بعد 46 القتلى فكانوا سبعمائة الف قتيل إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم ساروا الى نيسابور فحصروها خمسة ايام 47، وبها جمع صالح من العسكر الاسلامي فلم يكن لهم بالتتر قوة فملكوا المدينة واخرجوا اهلها الى الصحراء فقتلوهم وسبوا حريمهم وعاقبوا من اتهموه بالمال كما فعلوا في مرو واقاموا بها خمسة 48 عشر يوما يحرقون وينبشون 49 عن الاموال، فلما فرغوا منهم سير 50 طائفة منهم الى طوس، ففعلوا بها كذلك، وخربوها وخربوا المشهد الذي فيه على بن موسى الرضا وهارون الرشيد ثم ساروا الى هراة وهي من احصن البلاد فحصروها عشرة ايام فملكوها وامنوا اهلها، وقتلوا بعضهم وجعلوا على الباقين شحنة منهم، وساروا الى غزنة، فلقيهم جلال الدين بن خوارزمشاه فقاتلهم فهزمهم، فوثب اهل هراة على الشحنة فقتلوه، فلما عاد المنهزمون من التتر الى هراة دخلوا البلد قهرا 130 ب/وقتلوا اهله ونهبوا اموالهم وسبوا حريمهم وخربوا المدينة وحرقوها وعادوا الى ملكهم جنكز خان وهو بالطالقان ففعلوا بها كذلك، ولم يسلم من شرهم وفسادهم شيء من البلاد. وسار ولد جنكز خان في الطائفة الاولى من سمرقند الى خوارزم وكان بها عسكر 51 كثير، واهل البلد معروفون بالشجاعة، فقاتلهم اشد القتال وحصروهم 52 خمسة ايام وقتل من الطائفتين خلق كثير ومن التتر اكثر. فارسل التتر الى جنكز خان يستنجدونه فانجدهم بجيش كثيف فلما وصلوا زحفوا على البلد زحفا متتابعا فملكوا طرفا منه ولم يزالوا يملكون محلة بعد محلة حتى ملكوا البلد جميعه فقتلوا أهله ونهبوا اموالهم واطلقوا ماء جيحون من البلد فغرق البلد باسره وتهدمت الابنية ولم يسلم من اهله احد البتة فان الذين سلموا من القتل اماتهم الهدم والغرق 53، ولما فرغوا من خراسان وخوارزم عادوا الى ملكهم بالطالقان، فجهز جنكز خان جيشا كثيفا الى غزنة وبها جلال الدين بن خوارزمشاه، وقد اجتمع اليه من عسكر ابيه نحو من ستين الف مقاتل فكان جملة التتر الذين وصلوا اثني عشر الف فاقتتلوا ثلاثة ايام متتابعة ثم انهزم التتر وقتلهم المسلمون قتلا ذريعا فلحقوا بالطالقان، فجهز جنكز خان عسكرا اكثر من الاول مع بعض اولاده وسيره اليه 54 فوصل الى كابل وسار اليهم جلال الدين فيمن معه فاقتتلوا قتالا عظيما فانهزم التتر وقتل منهم عالم لا يحصون، وغنم المسلمون ما كان معهم. وكان معهم شيء عظيم وكان معهم من اساري المسلمين فاستنقذوهم ووقعت فتنة بين المسلمين لاجل 55 الغنيمة فقتل اخ لسيف الدين بغراق 56.وكان بغراق شجاعا مقداما ذا رأي في الحرب ومكيدة وقد اصطلى الحرب بنفسه، وقال لعسكر جلال الدين: تأخروا عن القتال فقد ملئتم رعبا. وكان مع المسلمين امير كبير يقال له ملك خان بينه وبين خوارزمشاه نسب، فاختلف هذان الاميران في الغنيمة فاقتتلوا، فقتل بينهما اخ لبغراق فغضب اخوه وفارق العسكر وسار الى الهند فتبعه من العسكر ثلاثون الفا فاستعطفه جلال الدين وسار خلفه وخوفه من الله تعالى وذكره فضيلة الجهاد، وبكى بين يديه فلم يرجع فتخلفت نيات المسلمين وضعفوا فبيناهم كذلك اذ اقبل جنكز خان في جموعه، فلما رأى جلال الدين ضعف المسلمين، وتخلف نياتهم، سار نحو بلاد الهند، فوصل الى ماء السند 57 وهو نهر كبير وتبعه جنكز خان يقص أثره حتى ادركه فاضطر جلال الدين الى القتال حينئذ فاقتتلوا قتالا لم يكن مثله ابدا فقتل الامير ملك خان في طائفة عظيمة من المسلمين وقتل من التتر اكثر فرجع التتر عن موضع القتال وابعدوا ونزلوا وارسل جلال الدين للسفن فلما جاءت 58 عبر هو واصحابه الى 131 أ/الهند فلما كان الغد سار التتر الى غزنة فملكوها لوقتها فقتلوا اهلها ونهبوا الاموال، وسبوا الحريم وخربوها وكذلك فعلوا بسوادها فاصبحت تلك الاعمال خاوية على عروشها كأن لم تغن بالأمس 59 وفي هذه السنة اقطع الملك الاشرف اخاه شهاب الدين غازي بن العادل جميع ارمينية ومدينة خلاط وميافارقين واخذ منه الرها وسروج من بلاد الجزيرة 60، وسيره الى خلاط أول سنة ثمان عشرة، وذلك ان الكرج لما قصدهم التتر وهزموهم وقتلوا كثيرا منهم ارسلوا الى اوزبك صاحب اذربيجان يطلبون منه المهادنة والموافقة على دفع التتر وارسلوا الى الملك الاشرف في هذه المعنى وقالوا للجميع، ان لم توافقونا على قتال هؤلاء القوم ودفعهم عنا وعنكم، والا صالحناهم عليكم 61 فوصلت رسلهم الى الاشرف وهو يتجهز للمسير الى مصر لانجاد اخيه الكامل على الفرنج، فاجابهم يعتذر بالمسير الى مصر لدفع الفرنج عنها ويقول: اني قد اقطعت ولاية خلاط الى اخي وسيرته اليها ليكون بالقرب منكم فمتى احتجتم الى نصرته حضر في عساكره، وسار الاشرف الى مصر.

Shafi 380