أما الجواب عن قولهم: إن المرتضى والزهراء وسبطيهما (رضوان الله عليهم) كانوا أرفع درجة وأعلى رتبة من أن يسموا بالأبرار. فهو إنا نقول لهم: هذا من أوهى ما قيل فيه وذلك لأن الله تعالى سمى أفضل الأقوال برا وهو التوحيد [كما] في قوله تعالى: ولكن البر من آمن بالله [177/ البقرة: 2] يعني ولكن البر من امن بالله. وقال القائل:
ما نطق القائلون مذ نطقوا
أفضل من لا إله إلا هو
وكذلك سمي السيد الحصور الذي لم يعص الله طرفة عين يحيى بن زكريا (عليهما السلام) برا [في] قوله: وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا [14/ مريم: 19].
وكذلك سمى الروح المبارك الوجيه عيسى بن العذراء البتول برا [في] قوله:
وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا [32/ مريم: 19].
ثم انظر كيف سمى نفسه تعالى برا [كما في] قوله إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم [28/ الطور: 52] فأي شرف أعلى وأنبل وأي ذكر أرفع وأفضل من هذا؟
وكيف يتفوه بمثل هذا الكلام عاقل وهل فيه إلا تفويق درجة المرتضى على/ 60/ درجتي الرسولين؟ ثم على درجة الإيمان فكيف بذكر الله سبحانه؟
ومالكم ومثل هذا الجلف من الكلام إن لم يكن بكم داء يخامركم مخامرة اللئام؟
أولا ترى [إلى] ما قيل: «البر هو الذي لا يوذي الذر» وهذا من أرفع الخصال وأنبل ما يذكر من أخلاق الرجال.
15- وقد أخبرني شيخي محمد بن أحمد (رحمه الله) قال: أخبرنا أبو أحمد الهمداني قال: حدثنا أبو العباس الفضل بن محمد بن أحمد بن مطر العبدي قال:
حدثنا أحمد بن عثمان قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سعيد بن يحيى، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر:
عن النبي صلى الله عليه قال: «إنما سماهم الله الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالداك عليك حقا كذلك لولدك عليك حقا».
وهذا الحديث يجمع شرائف الأفعال وقد ذكرنا قبله شرائف الأقوال.
Shafi 48