قال: «سر إذا شئت وستهيئ القهرمانة لكم المنزل اليوم.»
فمشى ضرغام ووجهه إلى المعتصم حتى خرج. ثم أرسل إلى وردان فجاءه بالفرس فركبا قاصدين إلى البيت وضرغام تتقاذفه الأفكار، وقد سره إعجاب الخليفة به ودعوته ليقيم بقربه كما ساءه أمر الزواج، ولكنه لم يعلق عليه كبير شأن؛ إذ لا دخل له بالسياسة فيسهل التخلص منه.
فلما وصل إلى منزله تلقته أمه بالترحاب، وسألت وردان عن حاله وكانت قد أعدت الطعام فجلست معه إلى المائدة، وشعرت من سكوته أن تغييرا طرأ عليه فقالت: «هل لقيت أمير المؤمنين؟» قال: «نعم يا أماه.»
قالت: «كيف حاله؟ وهل أخبرك بسبب تعجيله باستقدامك؟»
فأبطأ في الجواب؛ لأنه خاف إن قال لها كل شيء أن يخلف الوعد ويبوح بالسر ثم قال: «أخبرني، ولكن حدث أمر غريب.»
قالت: «ما هو؟» فقص عليها خبر الأسد وما كان من دفاعه عن الخليفة، فانشرح صدرها وبان في محياها. ثم أخبرها أن الخليفة غير اسمه وسماه «صاحب»، وذكر لها السبب فازداد سرورها، ثم قال: «وقد دعاني للإقامة بجواره.»
وكانت تهم بلقمة من الرغيف لتتناولها فلما سمعت كلامه ارتبكت وشخصت بعينيها البيضاوين إليه وقالت: «دعاك للإقامة بجواره؟ لماذا؟»
قال: «لأكون ملازما له. وذلك إكرام عظيم.»
قالت وقد توقفت عن ازدراد ما فيها من الطعام: «وهل يريد أن أكون أنا معك أيضا؟»
قال: «نعم فقد قال لي: «تسكن أنت وأمك هنا».»
Shafi da ba'a sani ba