نظر إليها الرسول لحظة بوجه خال من التعبير، وعندما أدرك من تقصد أصدر صوتا دالا على الاحتقار. «إن طلبات الناس من فخامته لا تنتهي أبدا.»
كانت على استعداد لاستكمال المحادثة، ولكن في تلك اللحظة فتحت البوابات الداخلية وقادهما حارس إلى القصر نفسه. كانت حدائق القصر تفوح برائحة الياسمين وأزهار اللوز، وكانت منسقة على هيئة دوائر متحدة المركز ذات انحناءة خفيفة، كل منها مزروعة بمجموعة مختلفة من أزهار الفاكهة المتفتحة. قاد الرسول إلينورا عبر ممر واسع تصطف على جانبيه الأشجار المقلمة، مارين بالباشوات والإنكشارية الذين ينسلون صامتين كالثعابين في الماء. كان يسير بسرعة، فلم يترك لها فرصة كي تتأمل بإعجاب النافورة الضخمة ذات اللونين الأزرق والأبيض التي تقع في وسط الحدائق أو تتمهل أمام المباني التي تطل من بين أوراق الشجر. توقف أخيرا في الطرف البعيد من الحدائق أمام بوابة بنفس حجم تلك التي عبرا منها توا، يحرسها أربعة رجال يرتدون نفس الزي النظامي ذا اللون الأرجواني الزاهي الذي تحمله العربة الملكية. كانوا بلا شك أضخم رجال رأتهم إلينورا حقا، فكل منهم يماثل طوله ارتفاع الحصان، وتبرز عضلات ساقه من تحت الثياب.
قال الرسول وهو يشير إلى قطعة بالية إلى حد ما من القماش الأخضر تعلو كتلة من الحجر الرملي المجاور للبوابة: «هذه هي راية النبي محمد عليه الصلاة والسلام.»
انحنت إلينورا مقتربة من الراية المطرزة بكتابة من الفضة:
بسم الله الرحمن الرحيم «إنها تشير إلى مدخل الغرف الخاصة بفخامة السلطان. لا يمكنني المرور أبعد من ذلك.»
أشار إلى أحد الحراس، ثم ألقى تحية الوداع وأسرع متجها إلى ممر جانبي. وقفت إلينورا بضع لحظات بجوار راية النبي محمد قبل أن تتحدث.
توجهت إلى الحرس متسائلة: «إذا سمحت، هل علي أن أقف هنا؟ أم أنتظر في مكان آخر؟»
ظل الحراس صامتين يحدقون أمامهم في نقطة غير محددة في منتصف المسافة. لم تكن إلينورا واثقة من صوتها بعد، فظنت أنها ربما لم تتحدث بصوت واضح بما يكفي.
أعادت السؤال بصوت أعلى: «هل علي أن أنتظر هنا؟»
ولكن الحراس لم يبدوا ما يدل على إدراكهم لوجودها، وكأنها لم تتحدث قط. «إذا سمحت.»
Shafi da ba'a sani ba