ارتبكت إلينورا، ولكن كما توقع فقد كانت أكثر أدبا من أن تمتنع عن الإجابة. «إنني أعيد قراءة الساعة الرملية.» «تعيدين قراءتها؟» «نعم.» «لأنك لم تفهميها من أول مرة؟»
فكتبت «كلا»، ثم أدركت أنها إجابة مقتضبة على نحو فظ بالنسبة إلى ضيفهما، فأضافت: «ثمة بعض الكلمات التي لا أفهمها، ولكنني أستطيع عادة أن أفهمها من السياق.»
تأمل الكاهن تلك الإجابة، وبدلا من أن يستمر في خط الاستجواب أخرج كتاب هيرودوت القديم الخاص به، واختار مقطعا قصيرا، ثم أعطى الكتاب عبر المائدة لإلينورا.
قال وهو يشير إلى بداية الفقرة: «أتمانعين في قراءة ذلك؟»
هزت رأسها كما لو كانت تأمل أن يكون ذلك فعلا معتادا وقت العشاء، وانحنت على الصفحة وتتبعت الكلمات بأصبعها، ولكنها توقفت في منتصف الفقرة.
كتبت: «ماذا يعني الكاتب عندما يقول إن الأرض والسماء مليئتان بالريش؟»
اتجه الكاهن مولر إلى الناحية الأخرى من المائدة وأخذ منها الكتاب، وقرأ بصوت عال من أجل مضيفه. «يقولون إنه لا أحد في شمال البلدان المجاورة لهم يمكنه الرؤية أو الرحيل أبعد من ذلك؛ وذلك بسبب وابل الريش، فالأرض والسماء مليئتان بالريش، وهو يعوق الرؤية.»
كانت فقرة غريبة، ربما ليست الاختيار الأمثل لاختبار فهم فتاة صغيرة، ولكنها كانت الفقرة التي اختارها. قلب عدة صفحات للأمام حتى وصل إلى الجزء الذي يفسر فيه هيرودوت معنى الريش.
قال وهو يقرأ بصوت عال مرة أخرى: «ها هي الإجابة. فيما يتعلق بالريش الذي يقول السكوثيون إن الهواء يمتلئ به، وهو كثيف لدرجة أن لا أحد يمكنه الرؤية أو المرور خلاله، لدي هذا الرأي : في شمال تلك البلاد يتساقط الثلج باستمرار، رغم أنه في الصيف أقل منه في الشتاء، كما هو متوقع. ومن يرى الثلج يتساقط بكثافة بالقرب منه فسوف يفهم مقصدي؛ فالثلج كالريش. وهكذا، فإنني أعتقد أن السكوثيون وجيرانهم يتحدثون عن الثلج على نحو مجازي، وهكذا فقد تحدثت عن تلك الأماكن التي يقال إنها الأبعد على الإطلاق.»
أعطاها الكتاب مرة أخرى، وقرأت الفقرة لنفسها قبل أن تجيب. «لماذا ينتظر كل تلك الصفحات حتى يخبرنا بأن الريش هو الثلج؟ يبدو ذلك بلا معنى على الإطلاق.»
Shafi da ba'a sani ba