حدق كلاهما إلى إلينورا التي كانت لا تزال واقفة أسفل الدرج، ثم تابع البك قائلا: «والآن دعني أقدك إلى غرفة الطعام.»
جلس الكاهن على يسار مضيفه في الناحية المقابلة للآنسة كوهين، وحاول أن يتابع المحادثة.
سألها وهو يبسط منديل المائدة على ساقيه: «أنت تعرفين الكتابة إذن. كم هذا مثير للإعجاب! من علمك الكتابة؟»
نزعت إلينورا الغطاء عن قلمها وكتبت كلمة في أعلى الصفحة، ثم أدارت الورقة نحو الكاهن مولر كي يقرأها: «والدي.»
قال الكاهن وهو يبسط المنديل مرة أخرى: «حسنا، لقد فهمت. بالطبع هذا منطقي.»
وقبل أن يتوجه الكاهن بأي أسئلة أخرى، ظهر السيد كروم حاملا ثلاث صوان فضية، ووضع واحدة أمام كل منهم. كان العشاء تلك الليلة مكونا من لحم الضأن المشوي مع الجزر مقدما على طبقة من البرغل. ورغم الصحبة المتحفظة في الكلام، فقد كان العشاء نفسه جيدا؛ فلحم الضأن مطهو بطريقة رائعة، مقرمش قليلا من الحواف وطري من الداخل، والجزر لين كفاكهة الصيف، والبرغل بنكهة زهر البرتقال. وكان الشيء الوحيد المفقود في هذا العشاء هو الحوار. فبعيدا عن المجاملات الضرورية وطلبات تبادل الملح والفلفل، تناولوا الطعام في صمت، وأدوات المائدة تصدر أصواتا بينما انهمك الكاهن والبك في تناول الطعام.
قال الكاهن محاولا استدراج مضيفه كي يخرج عن صمته: «إن الفترة الحالية مثيرة للاهتمام.» «حقا.» «لم أر اضطرابا كهذا منذ الحرب الأهلية. إن المهديين والصرب والأرمن واليهود يحدثون لغطا غير معلوم السبب. يبدو أن العالم بأسره يحدث لغطا.»
فهز البك رأسه بحكمة. «إن اللغط قد ينهي نفسه بنفسه.» «يقول البعض إنه فجر يوم جديد.» «إن البعض يقولون أشياء كثيرة.»
قطع الكاهن قطعة من اللحم ومضغها بعناية قبل أن يحاول استدراج مضيفه مرة أخرى. «ثمة من يقولون إن النظام السياسي سوف يعاد تنظيمه على نحو جذري قريبا.»
ابتسم البك في أدب، ولكن لم يبد عليه الاكتراث. كان واضحا أنه لا يرغب في الانخراط في مناقشة سياسية، وهكذا فقد حول جيمس انتباهه نحو إلينورا. «حسبما أذكر فأنت قارئة ممتازة. أخبريني عن أحد الكتب التي قرأتها مؤخرا.»
Shafi da ba'a sani ba