============================================================
والتلاوة أي تجؤهر نورهما في الاتحاد مع رؤية عظمة المذكور، قد يغيب السالك في الذكر أو التلاوة عند صفاء باطنه من كمال أنسه بالذكر الذي هو فيه لتلذذه به فيجد فيه من الحلاوة ما لا يقدر قدره إلا من أذاقه الله ذلك، فيلحق في غيبته بالنائم ويقرب من حالة الفناء لأن من غلبث عليه اللذة يكون كذلك كما يحصل ذلك في وقت الإنزال التام عند الجماع المستجمع شرائط لذته، وإذا صار كالنائم انقطعت عنه الحواس الظاهرة، فتتوجه الحواس الباطنة إلى عالم الغيب بعدما كانت متوجهة إلى عالم الشهادة، وتتجرد النفس عن حجب الحواس الظاهرة، وتنقطع عن التوجه إلى عالم الشهادة، فتصير محاذية لعالم الغيب، وحيئذ تنكشف له الحقائق الغيبية معاني مجردة ملبسة بصورة خالية يعبر عنها إلى تلك المعاني كما تنكشف للنائم معاني مجردة في لباس صور خياله كانكشاف ظفره بعدوه في لبسة صورة قتل الحية فيقول المعبر: تظفر بالعدو عبورا من هذه الصورة إلى المعنى المتجرد.
الكشف الصريح: فإن ترقى عن ذلك حصل له الكشف الصريح وهو أن تتجرد له الحقائق من غير لبسة المثال التي يعبر عنها إلى تلك الحقائق، وهذا أعلى من الكشف الخيالي لأنه كشف بلا واسطة مثال، وذلك الكشف قد يكون برؤية مثال الواقع على صورته في الخارج، وقد يكون بسماع هاتف(1) يدل عليه من باطنه أو من الهواء أو من غيرهما.
(1 اهاتف: النداء الذي يسمع دون آن يرى صاحب الصوت.
Shafi 76