============================================================
ويكمل بافاضة الأحوال إذ قد منح حالا من أحوال المقربين بعد ما دخل من طريق أعمال الأبرار الصالحين، وتلك الحال مستقرة غير منقطعة، إذ حصلت له بعد المجاهدة الموعود عليها الهداية، قال الله تعالى: (( والذين جهدوا فينا لنمديهم سبلنا وإن الله لمع المخسنين) [العنكبوت: 69]. وحيث صار
هاديا مهديا مستقرا في هدايته صلح عن أن يكون له أتباع في الهداية تنقل منه
إليهم علوم وأحوال، وأن تظهر بطريق بركة النصيحة العامة أيضا.
المقام الأكمل في المشيخة: لكن هذا الرجل مع هذا الكمال قد يكون فيه قصور، إذ قد يكون محبوسا في حاله لوجدانه إياه بعد التعقب، فيكون حاله محكتما فيه فيقف عنده ولا يطلب الزيادة، ولا يطلق من وثاق الحال إلى ما فوقه، ولا يبلغ
كمال النوال بطلب الزيادة بل يقف عند حظه، وهو وإن كان حظا وافرا سنيا فهو قصور، إذ درجات أهل العلم بالله لا تنتهي. وحينئذ فالمقام الأكمل في المشيخة هو القسم الرابع: وهو المجذوب، أي المحبوب أولا المتدارك بعد الجذبة بالشلوك فيصير محبا ثانيا طالبا للزيادة غير واقفي عند الحال، ومعنى جذبه أولا: أن يبادئه الحق قبل معاملته بالكشوف التي هي أنوار اليقين، وذلك بأن يرفع عن قلبه الحجب الظلمانية، وإذا ارتفعت يستنير بأنوار المشاهدة لصفائه مع عدم الحجاب بين الحق وبينه.
فإذا تجلى الحق عليه انشرح - أي قلبه - بصيرورته مرآة له وينفسح حينئل
قلبه(1) فيتسع لما لا يتناهى اتساع المرآة الصغيرة لمثل السماوات والأرضين (1) يشير إلى الحديث الذي رواه البيهقي في شعب الإيمان (7: 352) والحاكم في المستدرك (4: 346) عن ابن مسعود قال : تلا رسول الله: "فمن ئرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام" فقال رسول الله: "إن النور إذا دخل الصدر اتفسح". فقيل: يا رسول الله: هل لذلك من علم يعرف؟ قال: "تعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزولهل، لكن طعن الذهبي في إسناده.
Shafi 58