============================================================
لهوس النفس كأن تقول له النفس قد تتوب من هذا الذنب ثم تعود إليه فتقول لها وما يدريك أن الموت يأتيني قبل أن أعود إليه فأموت تائبا منه، كذلك لا يترك التوبة يأسا من قبولها فقد جاء في تفسير قوله تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكر إلى التملكة [ البقرة: 195]. هو العبد يذنب الكبار(1) ثم يقول قد هلكت لا ينفعني عمل، أي لا توقعوا أنفسكم باكتسابكم الكبائر الى التهلكة باليأس بعدها بأن تزعموا بأن لا ينفعكم عمل أصلا فإن اليأس مانع من التوبة موجب للتهلكة فليحذر العبد منه.
وليعلم أن العبد إذا خاف من الانتقام بترك التوبة ورجاء المغفرة بفعل التوبة واستقام في ذلك فقد تحقق بحقيقة التوبة النصوح وصار الرجاء والخوف مقامين في حقه.
كيفية تفرع الخواطر: واعلم أنه لم يذكر عنه من هذه الخواطر الأربعة في القلب غير لمة الملك ولمة الشيطان فيكون القلب معترك جنديهما فقط، ومن ثم قال بعضهم رحمه الله تعالى: هاتان اللمتان هما الأصل والخاطران الآخران فرع عليهما لأن لمة الملك إذا حركت الروح لالقاء همة صالحة في القلب واهتز بالهمة الصالحة إلى حضائر القرب ورد عليه ابتداء القرب خواطر من الحق، ولمة الشيطان إذا حركث هوت النفس بجبلتها إلى مركزها من الغريزة والطبع، وظهر منها بحركتها خواطر ملائمة لغريزتها وطبيعتها وهواها بحيث تلح بذلك وتصر على طلبها، وأما إذا تحقق السالك بالفناء فتنتفي عنه حيئذ جميع الخواطر حتى الربانية، لأن الخواطر رسل ولا يخسن (1) أي يرتكب الذنوب الكبار.
Shafi 35