Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Nau'ikan
نفسه ) [البقرة : 130].
( وما كان من المشركين ) لا يميل من الحق إلى جبريل حيث عرض عليه اللياذة عليه قال : ألك لي حاجة؟ فقال : أما إليك فلا ، ولا يداهن في دينه المحبة أبويه قال : ( إني بريء مما تشركون ) [الأنعام : 78].
وقال : ( إني ذاهب إلى ربي سيهدين ) [الصافات : 99] وكسر أصنام الكفرة بفأس الحمية ، وطهر موضع نظر الحق عن الخيال والتمثال ، فشكر الله عنه ، وقال : ( فجعلهم جذاذا ) [الأنبياء : 58] وبذل في محبته الأموال والأولاد ، ولا يخاف في الله لومه لائم لأجل ذلك قال : ( فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا ) وأيضا نفى عنه خاطر الشك حيث قال : ( أرني كيف تحي الموتى ) [البقرة : 260] بقوله : ( وما كان من المشركين ).
( إن أول بيت وضع للناس ) العرش قبلة الملائكة ، والكرسي قبلة سكارى الحضرة ، والبيت المعمور قبلة السفرة ، والكعبة قبلة الناس عاما وخاصا ، أحال الطائفيين إلى الوسائط وحجبهم بها عن مشاهدة جماله غيره على نفسه عن أن يرى أحد إليه سبيلا ؛ لأنه وضع بيته قبل آدم وذريته ابتلاء وامتحانا لتحجبوا بالبيت عن صاحب البيت.
ومن أعرض سره عن الجهة في توجهه إلى الله صار الحق قبلة له ، فيكون هو قبلة الجميع كآدم كان قبلة الملائكة ؛ لأنه وسيلة الحق بينه وبين ملائكته لما عليه كسوة جلاله وجماله كما قال عليه السلام : «خلق الله آدم على صورته» (1) يعني ألقي عليه حسن صفاته ونور مشاهدته ، كما قال تعالى في حق موسى عليه السلام : ( وألقيت عليك محبة مني ) [طه : 39] ، والمحبة خاصة صفاته الأزلية ، ومن أعرض من أهل العبودية عن آدم فمثله كمثل إبليس من الملائكة ؛ لأن من شرط المعرفة العبور بالوسائط في عالم العبودية.
فإذا كان محققا في المشاهدة فإلى أي جهة توجه فثم وجه الله ، كما قال تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) لأنه في محل عين الجمع ، وكما قال بعض العارفين : ما نظرت إلى شيء إلا ورأيت الله فيه.
وأيضا : وضع بيته وكساه بكسوة آياته الكبرى ، وهي نور القدرة ليجذب قلوب عباده إليه بوسيلته ؛ لأجل ذلك قال بيتي لتخصيص الإضافة ، ولأنه منور بنور آياته الخاصة.
( للذي ببكة ) سميت البكة لالتصاق أرواح العشاق به شوقا إلى لقاء حبيبهم ولهيام
Shafi 174