112

ويقال : آمن الخلق بالوسائط ، وآمن محمد صلى الله عليه وسلم بغير واسطة.

ويقال : هذا خطاب الحق سبحانه وتعالى معه ليلة المعراج على جهة تعظيم القدر ، فقال : ( آمن الرسول ) ولم يقل آمنت كما يقول العظيم الشأن من الناس.

قال الشيخ : وأنت تريد قلته.

وقال ابن عطاء : إن النبي صلى الله عليه وسلم معدن سر الحق أظهره للعام أوقفه على شريطة قوله : ( آمن الرسول )، وإذ أخفاه أخبر عنه بقوله : ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) [النجم : 10] ، وهو مستغرق أوقاته في انتظار ما يظهر عليه الحق من الزيادات على روحه وسره وفؤاده وقلبه وشخصه ؛ ألا تراه كيف نعته عن صفاته ، وقوله : ( إنك ميت ) عن صفاتك لحياتك بنا وبإظهار صفاتنا عليك ، ( وإنهم ميتون ) [الزمر : 30] عاجزون عن بلوغ درك صفاتك ، وإيمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إيمان مكاشفة ومشاهدة ، وإيمان المؤمنين إيمان بالوسائط والعلائق.

وقيل في قوله : ( والمؤمنون كل آمن بالله ): حكما وتسمية ، ولا المؤمن موجود ولا الإيمان ظاهر.

وقال فارس : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) قال : إيمان حقيقة ومشاهدة ( والمؤمنون كل آمن بالله ) إيمان حكم ومتابعة ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) أي : لو أظهر من جمال عز الأزل صفة من صفاتي لا يطيق الخلق أن يستقيموا عند كشف ذرة منها ، لكن أواسيهم بلوائح التجلي بنعت الالتباس ؛ لكي لا يفنوا مثل تجلي موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ، وأيضا : تسربلت الأرواح بأنوار الكبرياء ، فاستقلوا بأنفسهم عند نهوضهم بأثقال المعرفة ، وما أدركت من عجائب الربوبية ، وهذا معنى قوله تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ) [الأحزاب : 72] ، وأيضا : لا يكلف الله حق عبوديته نفوس أوليائه إلا قدر ما يطيقون من جهة التقصير والضعف عند تحمل حقيقة العبودية ؛ لأن من حق الربوبية أن تذوب الأرواح والأشباح في أول تكبيره كبروا تعظيما وإجلالا ، وأن الله تعالى ما أظهر للخلق من معرفته إلا مقدار ما يعيشون به من جهلهم بربوبية ربهم ، ولو أيقنوا أنهم في معزل من حقيقة العبودية وإدراك صرف الربوبية ماتوا حسرة على ما فاتوا ، ( لها ما كسبت ) أي : ما كسبت أرواحهم من مقاساة الهجران في دار الامتحان ، ( وعليها ما اكتسبت ) ما اكتسبت النفوس من جرائم الخطرات عند مكاشفة الغيب للأسرار فيجازي الله النفوس في الدنيا بالذوب في المجاهدات ، ويجازي الأرواح في الآخرة بصرف المشاهدات ، ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا ) أي : لا

Shafi 122