وفي المقابل سيطرت البرجماتية على الفكر الغربي . وهي تعطي الأولوية للفعل على القول، والعمل على النظر. وصدق الفكر ليس في صدقه النظري المنطقي، اتفاق المقدمات مع النتائج، بل في إمكانية تحقيقه العملي وأثره الفعلي في الواقع وبين الناس.
شيء واحد يتم تحقيقه خير من عشرة أشياء يتم التنظير لها. وهو أقرب إلى الموقف الإسلامي في أولوية العمل على النظر
وقل اعملوا (التوبة: 105)،
يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل (هود: 93)،
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض (الرعد: 17).
قد تكون الأقوال دون الأفعال هي حيلة العاجز عن فعل شيء. فيتحرك عن طريق اللسان، ويناضل بالكلام، ويصول ويجول على مستوى الأقوال. وهو ما عرف باسم الخطاب السياسي العربي الذي يهدف إلى الاستهلاك المحلي وامتصاص غضب الجماهير، وهو امتداد للخطاب الديني التقليدي، «أسمع كلامك يعجبني، أشوف أفعالك أستعجب»، أو «خد من كلام الشيخ ولا تأخذ من أفعاله». أما القوي بالفعل القادر على فعل فلا يحتاج إلى قول. الفعل قوله، والصمت لغة لا يحسنها العرب. وقد وصل الأمر إلى حد اعتبار أحد المستشرقين العرب ظاهرة صوتية. والله متكلم مع أن كلام الله فعل
كن فيكون (النحل: 40)، والقرآن كلام، ولكنه دعوة إلى الفعل
وقل اعملوا . وقد غير جوته أول آية في إنجيل يوحنا «في البدء كانت الكلمة»، إلى «في البدء كان الفعل».
فمتى تتغير بنية الثقافة العربية، وتتحول من القول إلى الفعل، ومن الكلام إلى التحقيق، ومن اللغو إلى الصمت، كما نظم الشاعر العربي:
والفدائي وحده يكتب الشعر
Shafi da ba'a sani ba