Hankalina da Hankalinka

Salama Musa d. 1377 AH
87

Hankalina da Hankalinka

عقلي وعقلك

Nau'ikan

العادة مثل غسل الوجه أو شرب الشاي مجموعة من الرجوع الانعكاسية أو العاطفية التي تتكرر بلا تنقيح أو اختيار.

ولكن الذاكرة تخيل وتوهم وخواطر تؤدي جميعها إلى تفكير يختار هذا وينبذ ذاك من الخيالات والخواطر، وقد يكون هذا التفكير عاطفيا، ولكنه قد يكون أيضا وجدانيا موضوعيا.

ويمتاز الإنسان على الحيوان امتيازا عظيما؛ لأن ذاكرته أطول وتخيله أوسع باللغة التي تزود الفرد بذكريات ثقافية تتسع بها آفاق وجدانه الزمني والجغرافي.

وعندما نتأمل الخيالات والصور التي نؤلفها من ذكرياتنا الماضية نجد أنها تأليف جديد لا يتقيد بالرجوع الانعكاسية «التي يقول بها واطسون وبافلوف»؛ ذلك لأننا نؤلف ونخترع ونزيد وننقص وننقح ونغير، ويجري كل هذا على أسلوب كلي غير تفصيلي؛ أي إننا في التخيل نأخذ بالكليات لا الجزئيات.

وهنا نذكر كوهلر صاحب مذهب الكلية الطرازية أو «جيشتالت» الكلمة الألمانية التي يتبعها لهذا المعنى، فقد وجد أن السيكلوجية التي تقول بأن الفهم ينشأ من مجموعة الانعكاسات ليس صحيحا؛ فالطفل الذي يرى الكلب لا يجمع اختباراته له ويكون فهمه له جزءا بعد جزء، فيعرف الذنب ثم الوجه ثم الأقدام ثم يتحسس الشعر، ويجمع هذا كله إلى الصوت والرائحة، إلخ، وإنما هو يدرك صورة كلية مجموعة من الكلب لأول ما يراه، وهذه «الكلية» هي شرط أساسي في الفهم، فنحن عندما نسمع لحنا لا نأخذ في تحليله إلى أنغامه المؤلف منها كي ندركه كلا كاملا، والصورة التي نراها لا نحاول عندما نريد تفهمها إلى تقسيمها أجزاء نفهم منها الجزء بعد الجزء، وإنما نفهمها كلها.

وهذه هي طبيعة الفهم عندنا، حتى إنه إذا رسم أحد منا مثلثا ناقصا أكملناه - ونحن ننظر إليه - في ذهننا، فطبيعة أذهاننا أن نفهم الأشياء بكلياتها وليس بأجزائها.

وهنا نجد فرقا واضحا بين «جيشتالت» وبين التحليل الذهني؛ فإن «جيشتالت» تقول: إن تحليل الفكرة إلى أجزائها خطأ؛ لأننا عندما نفكر نعمد إلى ذلك بالكليات وليس بالأجزاء، ثم بين «جيشتالت» وبين السلوكية فرق آخر، وهو أن الثانية تقول: إن كل ما نتعلمه هو استجابات ميكانية نخطئ ونصيب فيها، حتى نقع على الصواب فنلزمه ونتجنب الخطأ، ثم يتكرر الصواب فيصير عادة، ولكن «جيشتالت» تقول بأننا نفهم المسائل بطبيعة أذهاننا؛ لأننا نستحضر منها كلا منظما فنحل المسألة الواقعة أمامنا بالعودة إلى ما يتوهمه ذهننا من «تنظيم كلي».

وقد أجرى كوهلر وغيره تجارب مع القردة العليا تثبت هذا «التنظيم الكلي» فقد وضع موزا خارج القفص، وكان بالقفص قرد وعنده عصوان قصيرتان، ولكن يمكن إذا تداخلتا أن تطولا وتعودا عصا واحدة، فعدما حاول القرد أن يصل إلى الموز بالعصا ووجد قصرها جمع العصوين وقعد بعيدا عن الموزة، ثم لعب بالعصوين حتى أدخل طرف الواحدة في طرف الأخرى فطالت، واستطاع بذلك أن يجذب الموزة من خارج القفص.

فهنا نجد أن القرد لم يفكر تفكيرا ميكانيا عن عادات واستجابات سابقة قد تعلمها بطريقة الخطأ والصواب ، وإنما هو تخيل المسألة أمامه كاملة تامة، ثم شرع يخترع الطريقة التي يحقق بها خياله، وهذا هو ما نفعله نحن أيضا كلما فكرنا في حل مسألة، نتوهمها محلولة ثم نعود فنتوسل إلى الحل بذرائع مختلفة، وهذه بالطبع خلاصة قصيرة جدا لجيشتالت، ولكنها تعطي القارئ فكرة عامة عن هذه السيكلوجية التي يجب أن توضع جنبا إلى جنب مع التحليل النفسي ومع السلوكية في فهم التخيل (التصور) أي: التفكير الذهني.

التفكير الناجع

Shafi da ba'a sani ba