غريزة الضحك، تؤدي إلى الضحك.
ونحن نشاهد أن أدنى الحيوانات كالإسفنج يعتمد على رجع انعكاسي بسيط، ثم نجد السلوك الغريزي العام في الحشرات. وأرقى الحيوانات - وهو الإنسان - يعتمد في سلوكه على أسس فقط من الغرائز، ولكنه يبني عليها وينقحها بعقله. والوجدان الذي يحدث التعقل قد يكون في النهاية ترددا بين الغرائز أو تنقيحها أو مداورة لها. وهذا التنقيح في الغرائز يوجد في الإنسان أكثر مما يوجد في سائر الحيوانات العليا كاللبونات؛ أي: الرواضع.
والرجع الانعكاسي؛ مثل: إغماض العين لمفاجأة الضوء، ومثل: تحرك اللعاب عند رؤية الطعام، هو أبسط النشاط العصبي. وقد لا يختلف هذا الرجع في النهاية عن اتجاه الجذور في الشجرة نحو الرطوبة، أو اتجاه الورق نحو الضوء، أو اتجاه الفراشة نحو المصباح. وعند بافلوف الروسي أن جميع نشاطنا إنما هو رجوع انعكاسية مكيفة؛ أي: معدولة عن أصلها؛ فإن لعابي يتحرك وقت الجوع عند رؤية الطعام؛ فمن هذه الحركة الانعكاسية الحيوانية الساذجة نشأ فن الطهي وصنع الخزف وكرم الضيافة والتصدق. ومن الرجوع الانعكاسية الأبوية أو بالأحرى الأموية نحو الطفل نشأت الرحمة وكراهة القسوة، بل كراهة استيلاء الإنجليز على الهند. ومن الرجع الجنسي نشأت العائلة وفن البناء للبيوت وغيرها من النظم الاجتماعية التي تحمي الممتلكات.
وتجري العاطفة في كياننا النفسي على النسق التالي:
معرفة، ثم عاطفة، ثم حركة.
مثال ذلك أني قاعد أقرأ في مكتبي: (1)
فأسمع حركة كأنها خشخشة فأر = معرفة. (2)
يغمرني قلق وتوجس = عاطفة؛ أي: انفعال. (3)
أهب وأستطلع = حركة.
وهذا هو الشأن في العواطف، ولكن يجب ألا ننسى أن العاطفة والحركة تسيران معا في تصرفنا، ولا نكاد نستطيع الفصل بينهما، والعواطف - على ما تبدو لنا من السكون - إنما هي حركات؛ لأني أحس سرعة الدق في القلب حتى وأنا متجلد قاعد عند القلق، والفرق بين حركة القلب (= عاطفة) وحركة القدمين (= نهوض وبحث واستطلاع) ليس كبيرا.
Shafi da ba'a sani ba