63

باكت والراهب جيرفله

بلغ البندقية، فبحث عن ككنبو في جميع الحانات وجميع القهوات، وعند جميع بنات الهوى، فلم يجده مطلقا، ويرسل في كل يوم سعاة إلى جميع المراكب والقوارب، فلا يأتيه نبأ عن ككنبو، ويقول لمارتن: «ماذا! كان لدي من الوقت ما مررت فيه من سورينام إلى بوردو، وما ذهبت فيه من بوردو إلى باريس، ومن باريس إلى ديب، ومن ديب إلى برتسموث، وما كنت فيه محاذيا للبرتغال وإسبانيا، وما جاوزت فيه جميع البحر المتوسط، وما قضيت منه بضعة أشهر بالبندقية، ثم لم تأت الحسناء كونيغوند قط! إنني لم ألاق غير ماجنة، وغير كاهن بريغوري بدلا منها! لقد ماتت كونيغوند لا ريب، ولم يبق علي غير الموت، آه! كان الأفضل لي أن أبقى في جنة إلدورادو من أن أعود إلى أوروبا اللعينة، يا لوجود الحق بجانبك أيها العزيز مارتن! إن كل شيء باطل وبلاء.»

ويصاب بمالنخوليا سوداء، ولم يكن له نصيب في مشاهدة الأبرا العصرية، ولا في تسليات الكرنفال، ولم يجد في أية سيدة شيئا من المغريات، ويقول مارتن له: «حقا إنك بسيط جدا في تصورك خادما خلاسيا، حاملا في جيوبه خمسة ملايين أو ستة ملايين، يذهب للبحث عن حظيتك في أقصى العالم، فيأتيك بها إلى البندقية، فهو إذا ما وجدها أخذها لنفسه، وهو إذا لم يجدها أخذ غيرها، فأنصحك بأن تنسى خادمك ككنبو وحظيتك كونيغوند.»

ولم يكن مارتن مروحا، فتزيد سوداء كنديد، ولم ينفك مارتن يثبت له، أنه لا يوجد غير قليل فضيلة وقليل سعادة في الأرض، وذلك مع استثناء إلدورادو، التي لا يستطيع أحد أن يذهب إليها.

وبينما كان كنديد يجادل حول هذا الموضوع المهم، وينتظر كونيغوند، أبصر شابا تياتيا

1

في ميدان القديس مرقص متأبطا ذراع فتاة، وكان هذا التياتي يظهر ناضرا، ريانا قويا لامع العينين رابط الجأش أشم الأنف مختالا في مشيه، وكانت الفتاة كثيرة الملاحة، وكانت تغني، وتنظر إلى تياتيها نظر غرام، فتقرص خديه المكتنزين حينا بعد حين.

ويقول كنديد لمارتن: «أنت تعترف لي على الأقل، بأن هذين الإنسانين سعيدان. أجل، لم أجد حتى الآن غير تعساء في جميع الأرض العامرة خلا إلدورادو، ولكنني أراهن على أن هذه الفتاة وهذا التياتي من أكثر الناس سعادة.»

ويقول مارتن: «أراهن على العكس.»

ويقول كنديد: «ما علينا إلا أن ندعوهما إلى الغداء لترى هل أنا مخطئ.»

Shafi da ba'a sani ba