والجدري حتى العظم، فلو صح هذا لكنت مريضا جدا، ومع ذلك فإن كل شيء لا يصير إلى سيئ، وهذا ما يعزيني.»
ويقول كنديد: «آه! لا يوجد غير الدكتور بنغلوس من يستطيع في مثل هذه الحال المحزنة، أن يؤيد مذهب التفاؤل، على حين لا يقول من هم سواه بغير التشا ...»
ويقول الرجل المسكين صارخا: «لا تنطق بهذه الكلمة الكريهة، فأنا بنغلوس الذي تتكلم عنه، فدعني أموت بسلام أيها الخاسر، فكل شيء حسن، وكل شيء على أحسن ما يكون.»
وما بذل من جهد للنطق بهذه الكلمة كلفه آخر سن له بصقها في مقدار كبير من الصديد، ويلفظ نفسه الأخير بعد بضع ثوان، ويبكيه كنديد لسلامة قلبه، ويكون عناده مصدر تأملات لدى فيلسوفنا، ذاكرا مغامراته غالبا، وقد بقيت كونيغوند في كوبنهاغ، وقد علم أنها تزاول هنالك حرفة مرقعة الخرق مع امتياز، وقد فقد كل ميل فيه إلى السفر، وكان الوفي ككنبو يمده بنصائحه، ويؤيده بصداقته، ولم يتذمر كنديد من قضاء الله، فكان يقول أحيانا: «أعرف أن السعادة ليست نصيب الإنسان، ولا مكان للسعادة في غير بلد الإلدورادو، ولكنه يستحيل الذهاب إليه.»
الفصل التاسع عشر
مصادفات جديدة
لم يكن كنديد شقيا ما وجد صديقا حقيقيا، وقد وجد في الخادم الخلاسي ما يبحث عنه في أوروبا حقا، ومن المحتمل أن الطبيعة التي أنمت في أمريكة المفردات
1
الصالحة لأمراض قارتنا البدنية جعلت فيها دواء لأمراضنا القلبية والروحية، ومن المحتمل وجود أناس في العالم الجديد على غير جبلتنا، فلا يعدون عبيدا للمآرب الشخصية، ويعدون أهلا للصداقة الحقيقية، ويا ليته يؤتى لنا ببعض هؤلاء الناس، بدلا من رزم النيلج والقرمز الملطخة بالدم، فتجارة من هذا الطراز تكون ذات نفع عميم للإنسانية، وقد كان ككنبو أثمن لكنديد من اثني عشر كبشا أحمر حاملة حصى من إلدورادو؛ وذلك لأن فيلسوفنا صار يذوق لذة العيش؛ وذلك لأن من عوامل سلوانه سهره على حفظ النوع البشري، وظهوره عضوا نافعا للمجتمع، فكافأه الله على نياته الخالصة بنعمة العافية، كما كافأ ككنبو، فقد زال عنهما الجرب، وكانا يقومان بشئون حرفتهما الشاقة فرحين، غير أن القدر لم يلبث أن نزع منهما ما كانا يتمتعان به من أمان.
غادرت كونيغوند - التي وطنت نفسها على إزعاج زوجها - كوبنهاغ لتتعقبه، وأتت الملجأ اتفاقا، وكان يرافقها رجل عرف كنديد أنه السيد البارون ثندر تن ترنك، ومن السهل أن يتمثل مقدار ما اعتراه من دهش بسبب هذا، وقد أبصر البارون هذا، فقال له ما يأتي:
Shafi da ba'a sani ba