216

وإبناه ومواليه. فأخذ الراية فهزها ، وجعل عمار بن ياسر يحرضه على الحرب ويقرعه بالرمح ويقول : أقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع.

فقال هاشم :

قد أكثرا لومي وما أقلا

أني شريت النفس لن أعتلا

ثم حمل يتقدم ويركز الراية ، فإذا ركزها عاوده عمار بالقول ، فيتقدم أيضا ، فقال عمرو بن العاص : إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملا لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم.

فاقتتلوا قتالا شديدا وعمار ينادي : صبرا ، والله إن الجنة تحت ظلال البيض. وكان بأزاء هاشم وعمار أبو الأعور السلمي ، ولم يزل عمار بهاشم ينخسه وهو يزحف بالراية حتى اشتد القتال وعظم والتقى الزحفان ، واقتتلا قتالا لم يسمع السامعون بمثله وكثرت القتلى في الفريقين جميعا.

ثم إن أهل العراق كشفوا ميمنة أهل الشام ، فطاروا في سواد الليل ، وكشف أهل الشام ميسرة أهل العراق فاختلطوا في سواد الليل ، وتبدلت الرايات بعضها ببعض ، فلما أصبح الناس وجد أهل الشام لواءهم وليس حوله إلا ألف رجل ، فاقتلعوه وركزوه من وراء موضعه الأول وأحاطوا به ، ووجد أهل العراق لواءهم مركوزا وليس حوله إلا ربيعة وعلي (ع) بينها ، وهم محيطون به وهو لا يعلم من هم ويظنهم غيرهم ، فلما أذن مؤذن علي الفجر ، قال (ع):

يا مرحبا بالقائلين عدلا

وبالصلاة مرحبا وأهلا

ثم وقف وصلى الفجر ، فلما انفتل أبصر وجوها ليست بوجوه أصحابه بالأمس وإذا مكانه الذي هو فيه ما بين الميسرة إلى القلب ، فقال : من

Shafi 217