فلما دنا منهم سلم ، فقالوا : لا سلم الله عليك! إرجع يا عدو الله ؛ إرجع يا بن النابغة! فلست عندنا بأمين ولا مأمون!
فقال له ابن عمر وغيره ليس لهم إلا علي بن أبي طالب. فلما أتاه قال : يا أبا الحسن ؛ إئت هؤلاء القوم فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه.
قال : نعم ، إن أعطيتني عهد الله وميثاقه على أنك تفي لهم بكل ما أضمنه عنك. قال : نعم ، فأخذ علي عليه عهد الله وميثاقه على أوكد ما يكون وأغلظ ، وخرج إلى القوم. فقالوا : وراءك. قال : لا ، بل أمامي ، تعطون كتاب الله ، وتعتبون من كل ما سخطتم. فعرض عليهم ما بذل عثمان ، فقالوا : أتضمن ذلك عنه؟ قال : نعم. قالوا رضينا.
وأقبل وجوههم وأشرافهم مع علي حتى دخلوا على عثمان وعاتبوه ، فأعتبهم من كل شيء. فقالوا : أكتب بهذا كتابا ، فكتب.
بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب من عبد الله عثمان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين والمسلمين إن لكم أن أعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ، يعطى المحروم ، ويؤمن الخائف ، ويرد المنفي ، ولا تجمر (1) البعوث ، ويوفر الفيئ ، وعلي بن أبي طالب ضمين المؤمنين والمسلمين على عثمان بالوفاء في هذا الكتاب. ثم أشهد على الكتاب.
وأخذ كل قوم نسخة منه وانصرفوا. وقال علي بن أبي طالب : أخرج فتكلم كلاما يسمعه الناس ، ويحملونه عنك ، وأشهد الله على ما في قلبك ، فإن البلاد قد تمخضت عليك ، ولا تأمن أن يأتي ركب آخر من الكوفة أو من البصرة ، أو من مصر فتقول : يا علي اركب إليهم ، فإن لم أفعل قلت قطع رحمي واستخف بحقي.
فخرج عثمان فخطب الناس وأقر بما فعل واستغفر الله منه .. فسر
Shafi 106