إن معاوية إتهم عليا بالهوادة في أمر عثمان وإيوائه قتلته في جيشه وعدم القصاص منهم كل ذلك حتى لا يفلس من الشام لأنه يعلم مسبقا أن عليا لن يقره عليها وأنه إذا استتب له الأمر سيكون في عداد الولاة والأمراء المعزولين وسيخضع لحساب عسير من علي الذي لا يهادن ولا يماري في أمر الله ، وبالفعل فقد جرت وساطات لإقناع علي (ع) في أن يقر معاوية على عمله ، لكنه رفض ، فقد أشار عليه المغيرة بن شعبة بذلك ، فكان رده (ع): « لم يكن الله ليراني أتخذ المضلين عضدا » (1).
لقد كان علي (ع) واضحا في حجته حين كتب إلى معاوية : « إن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه ، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار .. الخ » (2).
لكن معاوية كان في أثناء مراسلاته لعلي يهيء للحرب ، فقد استطاع أن يشرب أهل الشام بغض علي مقنعا إياهم أنه هو المسؤول عن دم عثمان وأنه يريد الثأر له فاستجابوا له على ذلك ، بل وصل الجهل بهم أن هددوه بالعزل إن لم يفعل ذلك. هذا إن لم يكن هو الذي أوحى لهم بأن يقولوا ذلك. فكانت صفين.
واحتدمت الحرب بين الفريقين واستعرت نارها ، وهنا كان لا بد من شاهد حق يدحض حجة الباغي ويجدع أنف الباطل ، كان لا بد من شاهد حق يصدم تلك الأدمغة التي أمعنت في غيها وظلالها كي تعود إلى الصواب .. إلى جادة الحق.
لقد كان هذا الشاهد الحق هو عمار بن ياسر ، وبالضبط : شهادة عمار بن ياسر! كلا الفريقين كانا يرويان حديث النبي (ص) في عمار .. في صفين نفسها والحرب على قدم وساق كانت سيرة عمار بن ياسر تدور على
Shafi 11