61

Dan leƙen asiri: Labari Mai Sauƙi

العميل السري: حكاية بسيطة

Nau'ikan

كانت دموع تلك الأنثى الضخمة، التي كانت تضع شعرا مستعارا أسود مغبرا وترتدي فستانا حريريا قديما مزينا بدانتيل قطني ذي لون أبيض متسخ، تنم عن كرب حقيقي. لقد بكت لأنها كانت امرأة شجاعة ومنعدمة الضمير ومفعمة بالحب لولديها. كثيرا ما يضحى بالفتيات من أجل رفاهية الأولاد. في هذه الحالة، كانت تضحي بويني. وبطمس الحقيقة، كانت تفتري عليها. بالطبع، كانت ويني مستقلة ولم تكن بحاجة لأن تهتم بآراء أناس لن تراهم ولن يروها أبدا؛ في حين أن ستيفي البائس لم يكن يملك من حطام الدنيا سوى شجاعة والدته وانعدام ضميرها.

تلاشى بمرور الوقت الشعور الأول بالأمان الذي أعقب زواج ويني (فلا شيء يدوم)، وفي عزلة والدة السيدة فيرلوك في غرفة النوم الخلفية، تذكرت ما تعلمته من انطباعات تلك التجربة التي يفرضها العالم على امرأة أرملة. لكنها تذكرته من دون مرارة لا جدوى منها؛ إذ كان ما لديها من استسلام يوازي تقريبا ما كانت تملكه من كرامة. تدبرت بصبر أن كل شيء في هذا العالم يضمحل، ويتلاشى؛ وأن طريق الإحسان ينبغي أن يمهد لمن لديهم النية الحسنة؛ وأن ابنتها ويني كانت أختا مخلصة جدا وزوجة واثقة من نفسها حقا. فيما يتعلق بتفاني ويني باعتبارها شقيقة، ذبل فتورها. استثنت ذلك الشعور من قاعدة الاضمحلال التي تؤثر على كل ما هو بشري وبعض الأشياء الإلهية. لم تستطع ألا تفعل، وكان عدم فعلها ذلك سيخيفها إلى أقصى حد. ولكن بالنظر إلى ظروف زواج ابنتها، نبذت كل الأوهام المغرية نبذا قاطعا. تبنت وجهة نظر بعيدة عن المشاعر وعقلانية مفادها أنه كلما قل الضغط على لطف السيد فيرلوك، كان من المرجح أن يمتد أثره لفترة أطول. أحب هذا الرجل العظيم زوجته، بالطبع، ولكنه، بلا شك كان من شأنه أن يفضل أن يبقي أقل عدد ممكن من أقربائها بما كان يتسق مع الإظهار المناسب لتلك المشاعر. سيكون من الأفضل لو ركز كل تأثير تلك المشاعر على ستيفي البائس. وصممت المرأة العجوز الجسور على الابتعاد عن ولديها معتبرة ذلك عملا من أعمال التفاني وخطوة نابعة من تخطيط عميق.

تمثلت «فضيلة» هذا التخطيط (كانت والدة السيدة فيرلوك بارعة في طريقتها)، في أن هذه الخطوة سوف تعزز ذريعة ستيفي الأخلاقية. لم يكن الصبي البائس - الطيب والمفيد، حتى لو كان غريب الأطوار بعض الشيء - يمتلك اعتبارا كافيا. كان قد استحوذ عليه على يد والدته، بطريقة تماثل نوعا ما الطريقة التي استحوذ بها على الأثاث في منزل بلجرافيا، كما لو كان ذلك على أساس أنه ينتمي إليها حصريا. سألت نفسها ما الذي سيحدث (إذ كانت والدة السيدة فيرلوك خيالية إلى حد ما) عندما أموت؟ وارتعبت عندما سألت نفسها هذا السؤال. كانت ترتعب أيضا عندما تفكر في أنها لن تمتلك وسيلة لمعرفة ما حدث لذلك الفتى البائس. ولكن بنقل تبعيته إلى أخته، بالرحيل بتلك الطريقة، منحته ميزة أن يكون في وضعية تبعية مباشرة. كان ذلك أدق تصديق على جسارة والدة السيدة فيرلوك وانعدام ضميرها. في الحقيقة كان هجرها للمكان ترتيبا من أجل استقرار ولدها طيلة حياته. قدم آخرون تضحيات مادية من أجل غايات كتلك، وقد فعلت هي الأخرى بتلك الطريقة. كانت الطريقة الوحيدة. إضافة إلى ذلك، ستكون قادرة على أن ترى كيف سارت الأمور. وسواء خيرا أم شرا، فستتجنب الشكوك الرهيبة وهي على فراش الموت. ولكن الأمر كان صعبا، صعبا، صعبا للغاية.

كانت العربة تهتز وتحدث جلبة؛ في الحقيقة، كانت جلبتها استثنائية تماما. بسبب عنف اهتزازها وضخامتها، زال كل إحساس بتقدمها إلى الأمام؛ وكان التأثير هو أن يتعرض المرء للاهتزاز في أداة ثابتة تشبه أداة من العصور الوسطى للمعاقبة على جريمة ما، أو مثل اختراع حديث للغاية لعلاج كسل في الكبد. كان الأمر مؤلما للغاية؛ وبدا علو صوت والدة السيدة فيرلوك وكأنه عويل من الألم. «أعرف يا بنيتي أنك ستأتين لزيارتي كلما سنحت لك الفرصة. أليس كذلك؟»

ردت ويني باقتضاب وهي تحملق أمامها مباشرة: «بالطبع.»

واهتزت العربة أمام متجر مشبع بالبخار والزيوت من لهيب الغاز ورائحة السمك المقلي.

علا نحيب المرأة العجوز مرة أخرى. «ويجب يا بنيتي، أن أرى هذا الفتى البائس كل يوم أحد. لن يمانع في قضاء اليوم مع أمه العجوز ...»

صرخت ويني بتبلد: «يمانع! لا أظن ذلك. سيفتقدك هذا الفتى البائس كثيرا. أتمنى لو أنك كنت فكرت في ذلك قليلا يا أمي.»

لم تفكر في ذلك! ابتلعت المرأة الجسور شيئا هزليا ومزعجا وكأنها ابتلعت كرة بلياردو كانت تحاول أن تخرج من حلقها. جلست ويني صامتة عابسة لفترة من الوقت، في مقدمة العربة، ثم قطعت صمتها، وتحدثت بنبرة غير معتادة منها: «أتوقع أنني سأعاني الأمرين معه في البداية، سيكون مضطربا إلى درجة ...» «مهما فعل، لا تدعيه يزعج زوجك يا عزيزتي.»

ومن ثم تناقشتا نقاشا متقاربا حول احتمالات وضع جديد. واهتزت العربة. أعربت الوالدة عن بعض الشكوك لديها. هل يمكن الوثوق في أن يمشي ستيفي كل ذلك الطريق وحده؟ أكدت ويني على أن «شرود ذهنه» بات أقل بكثير الآن. اتفقتا على ذلك . لا يمكن إنكار هذا. بات أقل بكثير، نادرا جدا. كانت كل واحدة منهما تخاطب الأخرى هتافا في جلجلة العربة بمرح نسبي. ولكن فجأة اندفع قلق الأم من جديد. كان يتعين عليه استقلال حافلتين بينهما مسافة سير قصيرة على الأقدام. كان هذا أمرا بالغ الصعوبة! استسلمت المرأة العجوز للحزن والذعر.

Shafi da ba'a sani ba