يجب أن تدور العجلات بغير انقطاع، ولكنها لا تدور بغير رقابة، لا بد من وجود الرجال الذين يرقبونها، رجال في ثبات العجلات فوق محاورها، رجال عقلاء، مطيعون، ثابتون في قناعتهم.
ولكنهم يصيحون: «ولدي، أمي، وحيدي، حبيبي الأوحد.» ويثنون قائلين: «خطيبتي، إلهي الجبار.» ويصيحون متألمين، ويدندنون من الحمى، ويولولون من الشيخوخة والفقر؛ فكيف يعنون بالعجلات؟ وإذا لم يعنوا بها ... إن جثث ألف ألف ألف رجل وامرأة يشق دفنها أو إحراقها.
قالت فاني متلطفة: «وفي النهاية ليس هناك ما يؤلم أو ينفر، إن كان لك إلى جانب هنري رجل آخر أو رجلان، فإن أدركت هذا، فإنه ينبغي لك أن تكوني على شيء من الفوضى ...»
وأصر المدير على أن «الاستقرار هو حاجتنا الأولى والأخيرة، الاستقرار هو سبب كل هذا».
ولوح بيده مشيرا إلى الحدائق، وإلى البناء الضخم، مركز التكييف، وإلى الأطفال العارين، وقد تواروا بين الأشجار أو انطلقوا خلال الحقول.
وهزت ليننا رأسها وقالت: «إنني لم أحس أخيرا بالرغبة الشديدة في الفوضى، إن الإنسان لا يحس ذلك في بعض الأحايين، ألم تصلي إلى هذا أنت كذلك يا فاني؟»
فأومأت فاني برأسها دليلا على العطف والإدراك، ثم قالت في إيجاز: «ولكن لا بد للمرء من بذل الجهد، لا بد له من تمثيل الدور، فكل فرد يتعلق بكل فرد آخر.»
وكررت ليننا هذه العبارة: «أجل، إن كل فرد يتعلق بكل فرد آخر.» في بطء شديد، ثم تنهدت وصمتت لحظة، وتناولت يد فاني وضغطت عليها بخفة، وقالت: «لقد أصبت يا فاني، وسأبذل الجهد كالمعتاد.»
وبعدما تتدفق القطرات المحبوسة، التي تسبب الانفعال، ينبثق فيض من الشعور، أو فيض من العواطف، أو حتى من الجنون؛ فإن ذلك يتوقف على قوة التيار، وعلى ارتفاع الحاجز وقوته، فالتيار الذي لا يقف في سبيله شيء يتدفق بيسر خلال مجاريه المعينة، فيكون الهناءة والهدوء والجنين جائع، والأيام تتوالى ومضخة الدم تدور بغير انقطاع دوراتها الثمانمائة كل دقيقة، ويصيح الطفل في القارورة، فتظهر في الحال مربية ومعها زجاجة من الإفراز الخارجي، ويكمن الشعور في تلك الفترة من الزمن التي تقع بين الرغبة وإنجازها، وإذا قصرت تلك الفترة حطمت كل تلك الحواجز القديمة غير الضرورية.
وقال المراقب: «ما أسعد حظكم يا أبنائي! إننا لم ندخر وسعا في أن نجعل حياتكم سهلة من الناحية العاطفية، لكي نحفظكم - كلما أمكن ذلك - من أن يكون لكم أي نوع من أنواع العواطف.»
Shafi da ba'a sani ba