Duniyar Hane-hane da Iyakoki
عالم السدود والقيود
Nau'ikan
قلت: وكم العرض؟
قال: كذلك ثلاثة أمتار.
فعجبت للأمر؛ لأنني أعرف أن الحجرة ليست مربعة، ولكنها مستطيلة بعض الاستطالة، وسألته: أي الحوائط الأربعة قست؟
قال: الحائط الذي فيه الباب والحائط الذي أمامه! •••
وكان في المنزل ضيوف ذات يوم، وأنا أفضل إذا كان في المنزل ضيوف أن أغسل يدي في حوض المطبخ، وأدع لهم حوض الحمام، فدخلت المطبخ - حرم الشيخ أحمد - وطلبت منه صابونة فذهب وعاد بها وأنا أبدأ غسل يدي ووجهي على مهل، ولا أحسب أن هناك ما يدعو إلى العجلة، ثم خرجت فإذا بالضيوف كلهم عند حوض الحمام ينتظرون الصابون؛ لأن الشيخ أحمد أخذ الصابونة من ذلك الحوض، ولم يخطر له أن يسأل نفسه لماذا أجشم نفسي أن أغسل يدي ووجهي في المطبخ وأدع لهم الحمام، وإنما قيل له: هات صابونة فجاء بصابونة، وهذا هو المطلوب، ولماذا لا يجيء بها من حوض الحمام ولم يقل له أحد مؤكدا مشددا: إياك أن تجيء بها من حوض الحمام؟
أما معجزة الشيخ أحمد الكبرى فهي تلك التي صنعها بصورة قصر أنس الوجود وقد تركته هو وتركت المبيضين بالمنزل ونجوت بنفسي إلى مدينة أخرى؛ فرارا من ربكة الأثاث المشتت الذي لا يطاق معه قرار، فتجلت هنا عبقرية الشيخ أحمد التي تخلف كل ظن وتخرق كل حد وتخرج عن كل تقدير، لقد خطر لي أن أقصى ما يستطيعه الشيخ أحمد من إعجازه المعهود في هذه الحالة أن يضع الصور في غير مواضعها منحرفة نحو اليمين أو نحو الشمال وصاعدة إلى الأعلى أو هابطة إلى الأسفل، فقيدت مواضعها بمسامير لا تتحول وأوصيت المبيضين أن لا يخلعوا المسامير عند طلاء الجدران، ولكن أين يذهب بي سوء الظن بأفانين هذه العبقرية التي تهوى أبدا أن تداعب الظنون، وتتخطى الآماد مما تحيط به الأفكار والأوهام؟ فقد عدت من غيبتي القصيرة فوجدت الصور والحق يقال في مواضعها تماما بلا انحراف ولا تحريف، ولكنني وجدت أنس الوجود مقلوبا يقع فيه النيل موقع السماء وتقع فيه السماء موقع النيل!
وإنما يبدو لنا مدى هذا الإعجاز إذا علمنا أن الشيخ أحمد من أهل ذلك الإقليم الذي قام فيه أنس الوجود، فلو كانت «الرؤية» وحدها كافية لتصوير أثر من الآثار لكان الشيخ أحمد أولى من المصور الكبير «هدايت» بتصوير ذلك الهيكل غيبا بلا معاينة ولا استحضار!
وللشيخ أحمد ملكة نادرة في نسيان الأسماء، ثم تحريفها وتصحيفها عند التذكر أعجب تحريف وتصحيف.
فإذا تكلم «راشد» مثلا بالتلفون في غيبتي ثم سألته: من الذي تكلم، فمن المستحيل أن يكون المتكلم راشدا وإنما هو «منشة » على التحقيق أو التقريب!
وينتهي «جاماتي» عنده إلى «جماد»، والشجاعي إلى رجل من «كوم الشقافة»، والطناحي إلى الصنافي، وذو الفقار إلى زعفران! ... وقس على ذلك سائر الأسماء.
Shafi da ba'a sani ba