سألها: «هل تشعرين بتحسن يا سيدتي؟» «أجل، أشعر بخمول فحسب. كل شيء صار مجهدا، وفور أن أجلس لن أود أن أتحرك مجددا.»
تحمست آيريس لنجاح خطتها عندما تبادل الرجلان نظرة فهم. دخلت مقصورتها، لكن لم يبد أن أحدا أبدى أي اهتمام بعودتها. كانت الأم وطفلتها تعيدان جمع محتويات حقائب سفر الأسرة، بينما كانت الشقراء تضع زينة منمقة. وتولى الأب حقيبة زينة البارونة، وبدا أنه مستعد لتأدية دور المرافق مؤقتا.
جلست آيريس تراقبهم حتى ذكرها مشهد النسوة وهن يضعن المساحيق على أنوفهن ويصففن خصلاتهن المموجة بحاجتها إلى إصلاح زينتها. كان من الضروري أن تعطي انطباعا جيدا في السفارة. فتحت حقيبتها على مهل وأخرجت علبة مساحيق الوجه وهي تتثاءب إذ حل بها نعاس مفاجئ. طرفت بعينيها بقوة، وبدأت تضع مسحوق الزينة وأحمر الشفاه.
قبل أن تفرغ كان جفناها لا ينفكان ينسدلان حتى إنها لم تعد ترى بوضوح. جزعت أن أدركت أن موجات من النعاس تستبد بها.
كانت قوية لدرجة أنها لم تستطع مقاومتها، مع أنها جاهدت كي تظل متيقظة، لكن هيهات. كانت تضربها واحدة تلو الأخرى، لا تنفك تتزاحم في تتابع مستمر.
بدأ الركاب الآخرون يتمايلون كالظلال. خارج النافذة، ظهرت ترييستي كوهج أحمر متراقص في سماء الليل. هدر المحرك في محاولة أخيرة هائلة لمجابهة ذلك الشريط غير المرئي الممتد أمام المصدات. صار بمحاذاته تقريبا، فمر فوق الظل الهائل مرفرفا جناحيه ومؤرجحا منجله.
عمت البهجة غرفة المراجل وعربة السائق؛ إذ كان القطار يستبق بالفعل موعده المحدد. نجحوا في استباق الزمن، فخففوا جهودهم وأبطئوا سرعتهم تدريجيا استعدادا لوصولهم إلى ترييستي.
كان رأس آيريس قد مال للأمام وجفناها قد أطبقا، ثم نبح الكلب من بعيد فأيقظها من نومها مفزوعة. تطلعت من النافذة بعينين زائغتين، فأخبرتها بضع إضاءات متفرقة تلمع في الظلام أنهم قد وصلوا إلى ضواحي ترييستي.
في تلك اللحظة، فكرت في الآنسة فروي.
قالت بصوت مهتم: «ترييستي. يجب أن أظل مستيقظة.»
Shafi da ba'a sani ba