استجدت البروفيسور في يأس. «بربك تابع احتساء حسائك، لا تتوقف، لكن اسمعني رجاء؛ فذلك أمر بالغ الأهمية. أعلم يقينا أن الآنسة فروي موجودة، وأعلم أن مؤامرة تحاك ضدها، وأعلم سبب تلك المؤامرة.»
هز البروفيسور كتفيه بإذعان وتابع احتساء حسائه. بينما كانت تروي قصتها غير المترابطة باندفاع، هالها ضعف حججها، فيئست من إقناعه قبل أن تنهيها. استمع إليها في صمت تام، وبدا منشغلا بإضافة نسبة الملح المضبوطة إلى حسائه.
بعد أن أنهت حكايتها، نظر إلى الطبيب رافعا حاجبيه مستفهما، فطفق ذلك الأخير يخوض في شرح سريع. أدركت آيريس وهي تراقب وجوههم بعينين قلقتين أن هير انزعج مما يقال؛ إذ قاطع الحديث. «هي لم تحبك تلك القصة، بل أنا من فعلت. ألفتها على سبيل التسلية، فصدقتها الفتاة المسكينة؛ لذا إن كنتم ستتهمون أحدا بالخبل فلتتهموني أنا.»
قطع حديثه وقد أدرك فجأة ما كشفه، لكن آيريس كانت ذاهلة للغاية فلم تلاحظ أي تعريضات فيما قال.
قالت تترجى البروفيسور: «والآن، ألن تأتي معي؟»
نظر إلى الطبق الخاوي الذي وضعه النادل أمامه استعدادا لتقديم وجبة من الأسماك.
سألها بتثاقل: «ألا يمكن لذلك أن ينتظر إلى بعد العشاء؟» «ينتظر؟ ألا تفهم؟ الأمر عاجل لأقصى درجة. عندما نصل إلى ترييستي، سيكون الأوان قد فات.»
مرة أخرى، استشار البروفيسور في صمت الطبيب الذي ظلت عيناه مثبتتين على آيريس وكأنما يحاول تنويمها بالإيحاء. عندما تحدث أخيرا تحدث بالإنجليزية كي تفهمه. «ربما من الأفضل أن نذهب على الفور لنرى مريضتي. أنا آسف على إفساد عشائك يا بروفيسور، لكن الشابة في حالة شديدة من التوتر العصبي، وقد يكون من الآمن أن نحاول طمأنتها.»
نهض البروفيسور من مقعده وقد ارتسم على وجهه تعبير يشبه من وقع شهيدا لحس عدالته. مجددا، قطع الموكب الصغير ممرات القطار المترنح في صف واحد. عندما أوشكوا على بلوغ وجهتهم، التفت هير إلى آيريس وتحدث إليها بنبرة هامسة حادة. «لا تتصرفي بحماقة وتقدمي على أي تصرف متهور.»
تولاها الجزع عندما أدركت أن نصيحته جاءت بعد فوات الأوان؛ فقد كانت الممرضة تري يدها بالفعل للطبيب والبروفيسور. لاحظت آيريس دون تركيز أنها تلف رسغها بضمادة جروح وكأنما تريد حجبها عن الفحص المتمعن.
Shafi da ba'a sani ba