والوداع يشبه السلام فتعاد عنده طقوس الاحتفاء والتبجيل ذاتها. أما التفصيل الحري بانتباه خاص فهو أن السيدات اللاتي لا يرين مطلقا أزواج صاحباتهن يحسبن مخلات باللائق إن لم يبعثن إليهم بالسلام مع زوجاتهم. وربة البيت لا ترافق زائراتها بل تتقدمهن إلى الباب فيتبعنها.
15
لطيف هذا! ومعناه المشيعة تسهل لزائراتها السبيل وأنها تخرج من منزلها على نوع ما بخروجهن أو هي تودع معهن شيئا منها. وإني لأوثر هذا على السير وراء الزائرات كما تطردهن طردا وتقتفي أثرهن لتكون على ثقة من ذهابهن والتثبت بأنها تخلصت لحين ما من ورطة وجودهن ...! •••
هب أن هذا المنزل الذي زرناه الآن متبينين فيه بعض عادات ذلك العهد هو منزل إسماعيل تيمور باشا،
16
وأن تلك السيدة ربة البيت التي رحبت بنا هي والدة عائشة، «وهي جركسية الأصل معتوقة والدها إسماعيل تيمور باشا»،
17
فأين عائشة الصغيرة نفسها؟ أين الشاعرة العتيدة التي نلتفت اليوم إلى معالم الأمس لننال لمحة من حجر نعمتها وما فيه من خطوط ألفتها فكان هيكل زفراتها وهديلها؟!
ألا فاعلم أن عائشة اليوم بنية صغيرة لا تحضر مجالس «السيدات» ولا تختلط بالزائرات إلا لتقبل أيديهن إن كن من صديقات والدتها وقريبات أسراتها. وإذا شئت أن تراها فعليك بذلك المخدع المنفرد حيث تجدها مع أختيها.
الفصل الثالث
Shafi da ba'a sani ba