فقلت بحيرة: لعل آي الحكيم أقدر على الإجابة مني يا مولاتي.
فقال الملك بضجر: إنها تسألك كطبيب.
فقلت بإخلاص: لا أعرف عقلا أنضج من عقله يا مولاي.
فسألني بحدة: أهو يعبث بنا؟
فقلت بإخلاص: إنه صادق وأمين. - يبدو أنك لا تملك تفسيرا لذلك. - هذا حق يا مولاي.
فسألني مقطبا: أأنت مؤمن بسلامة عقله؟ - أجل يا مولاي. - ألا يحتمل أن يصدر صوت عن قوة شريرة؟
فقلت بصدق: العبرة بما يدعو إليه.
فهتف غاضبا: العبرة بما سيرسل علينا من زوابع.
وجاء زواجه من نفرتيتي مبشرا بآمال كثيرة، فأمل والداه كما أملنا نحن أن الزواج سيعقل من اندفاعه ويرده إلى الاتزان والرؤية العملية، ولكن الزوجة كانت كاهنة، فانطلقا في طريقهما حتى نهايته لا توقفهما قوة فوق الأرض. ومات أمنحتب الثالث وخلفه صاحب الرسالة، وشعر الجميع بدنو المعركة، وتوترت الأعصاب لأقصى حد. ودعاني الملك فيمن دعا من رجاله، وخيرني بين الإيمان بدينه وبين ممارستي لحياتي كيفما أشاء بعيدا عن بلاطه، ولم أتردد في الاختيار، فأعلنت بين يديه إيماني بالإله الواحد. لم يكن في وسعي الانفصال عنه أو الاستهانة بجاذبيته الفائقة، كما أنني أحببت إلهه واعتبرته فيما بيني وبين نفسي كبير الآلهة مع حفاظي على إيماني القديم بسائر الآلهة، خاصة تحوت إله العلم الذي أداوي المرض بتمائمه وتعاويذه. وتعاقبت الأحداث كما عرفت، ومضى الرجال يشيدون للإله الجديد مدينته، وانتقلنا إليها في جمع زاخر ونحن نردد الأناشيد، واستخف الفرح الملك فهتف ووجهه يطفح بالبشر: ها نحن ضيوفك يا إلهي في مدينتك الطاهرة التي لم تلوث بعبادة إله زائف ...
واستقبلنا عهدا سعيدا تمنينا معه الخلود على الأرض، وجعلت أقارن كل صباح بين ما يلقى علينا في المعبد وبين طقوس الآلهة القديمة وأشعار كتاب الموتى، فلم يخامرني شك في أن دفقات من نور صاف تملأ أرواحنا بخمر إلهية صافية.
Shafi da ba'a sani ba