فقالت بحماس: إنه معجزة بين الرجال!
فسألتها بعناد: أهو كذلك كزوج؟
فأجابت بغموض: لا يمكن الفصل بين الكاهن والزوج!
وقرأت أفكارها كما أقرؤها عادة. سوف تقاسمه العرش ملكة وكاهنة، ولن يعجزها أن تظفر بمن يشبع عواطفها المتعطشة للحب والحياة. وقد مارست ذلك بكل طمأنينة، معتذرة أمام ضميرها بعجزه، لائذة بسياسته المعلنة في الاعتماد على الحب ورفض العقاب والعنف، فلم تخش من جانبه انتقاما كسائر الفاسدين من معاونيه. وقد توكد لي عجزه وشذوذه من خلال اتصالاتي اليومية بحريمه. هناك يعرفون الحقائق التي تخفى عن أقرب المقربين من رجال الدولة. هناك تندروا بعجزه، وهنا فضحوا سر العلاقة الآثمة بينه وبين أمه؛ المرأة الوحيدة التي عبر عجزه في حضنها، والمرأة الوحيدة التي أنجبت له ابنة. وذاك شذوذ لم تعرفه بلادنا على مدى تاريخها؛ من أجل ذلك ثبت لدي أن بلادي تمضي نحو مصير أسود. وعاهدت ضميري أن أقف مع الحق حيث يكون. ومات أمنحتب الثالث، وتبوأت نفرتيتي العرش ملكة عظمى مكان تيى. وعشنا أياما كئيبة في طيبة، ثم انتقلنا إلى أخت آتون؛ أجمل مدينة عرفها الإنسان. واستقبلنا من الزمان أيام سرور ونصر ورخاء، وأمهلت الآلهة للمارق، فتركته يلغي وجودها ويصادر أوقافها، ومهدت له أسباب النجاح والسرور، حتى ظن الجاهل أن الفوز المبين قد تقرر للإله الجديد ولرسالته الخيالية في الحب والسلام. وقلت لأمي وليس معنا ثالث: أين الآلهة؟ ما لها لا تغضب لما حاق بها؟
وإذا بأمي تقول: ذلك شاهد على صدق الإله الجديد يا موت نجمت!
فرمقتها بذهول، وخيل إلي أن دنيا تغرب، وأن دنيا أخرى تشرق لا سبيل إلى الشك فيها، ولكن ليل الحلم أخذ ينقشع ويتلاشى، وزمجرت عواصف الأحزان مكتسحة الداخل والخارج معا. وكلما عضنا الدهر قلت لأبي: ها هو آمون يكشر عن أنيابه.
فيقول لي: لا ترددي أقوال الكهنة الحاقدين!
فأقول له: حدثني يا أبي عن واجبك في هذه الظروف؟
فيقول باستياء: لست في حاجة إلى من يذكرني بواجبي يا موت نجمت!
ومرة سألت نفرتيتي: ألا تفعلين شيئا للدفاع عن عرشك؟
Shafi da ba'a sani ba