244

ومثل هذا ما حدثني ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال: دخلت يوما على الرشيد, وكنت قد غبت عنه أياما فقال: يا أصمعي! من أين؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! ما ألاقتني أرض حتى رأيتك. فسكت, فلما تفرق من عنده قال: يا أصمعي ادن مني/ فدنوت فقال: ما معنى ألاقتني؟ قلت: أمسكتني. فلما خرجت إذا جعفر بن يحيى فقال لي: يا كلب! ما حملك على أن تخاطب أمير المؤمنين في مجلس العامة بما يحتاج إلى تفسير؟ أما والله لولا حرمتك به لضربت عنقك. إياك أن تعود إلى مثلها.

ويروى أن الكسائي غلط بحضرة المأمون وهو على شراب فاستدرك خطأه, فقال يعتذر إلى المأمون, ويحيل الذنب على السكر:

أنا المذنب الخطاء والعفو واسع ... ولو لم يكن ذنب لما عرف العفو

سكرت فأبدت مني الكأس بعض ما ... كرهت وما إن يستوي السكر والصحو

ولا سيما إذ كنت عند خليفة ... ومن لا يجوز عنده الطيش واللغو

فإن تعف عني ألف خطوي واسعا ... وإن لم يكن عفو فقد قصر الخطو

فتغمد المأمون خطأه وعفا عنه.

Shafi 279