210

وانفرد النعمان من أصحابه, فهبط واديا فإذا شيخ حوله غنيمات, وهو جالس يخصف نعلا, فوقف عليه النعمان فقال: يا شيخ! ما تصنع هاهنا. فقال: خرج النعمان يتصيد فتهارب الناس منه! فهبطت هذه الوهدة, فنتجت الشاء وسلأت السمن, وقعدت أخصف نعلي هذه. فقال النعمان: إن رأيت النعمان تعرفه؟ قال: أنا أعرف الناس به, أليس ابن سلمى, والله لربما وضعت يدي على كعثبها كأنه ضب جاثم. قال: فاستطار النعمان غضبا, وحسر عن رأسه, فبدت خرزات الملك, وتلاحق به أصحابه فحيوه بتحية/ الملك, فأسقط في يد الشيخ. وقال له النعمان: أعد مقالتك يا شيخ! فقال: أيها الملك إنك والله ما رأيت شيخا أحمق, ولا أوضع, ولا ألأم, ولا أعض.. .. أمه من شيخ بين يديك. فضحك النعمان وخلى عنه, فقال الشيخ:

تعفو الملوك عن العظيم من الذنوب لفضلها

ولقد تعاقب في اليسير وليس ذاك لجهلها

إلا ليعرف فضلها ... وتخاف شدة نكلها

حدثنا الغلابي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن هشام بن سليمان قال: خرج الحجاج من مكة يريد المدينة/ فتفرد من أصحابه حتى صار إلى بستان لآل منبه, فيه مولى لهم شيخ أسود. فقال له الحجاج: لمن هذا البستان؟ فقال: لآل منبه. قال: ما يقول أهل المدينة في أميرهم؟ قال: أي الأمراء تعني؟ قال: الحجاج بن يوسف. قال: لعنه الله! ابن بياع اللبص بالطائف. قال: ويلك ولم تلعنه؟ قال: لأنه قتل عبد الله بن الزبير, وأحرق الكعبة, وأحل الحرم. قال: وطلعت خيل الحجاج فقال له الحجاج: كأنك لم تعلم أني الحجاج؟

Shafi 243