والصحيح أن أهل اللغة ألقوا الاسم على الذات وأطلقته النحاةعلى اللفظ لحاجتهم إلى إعراب الألفاظ مواضعة. فالأولون على الأصل، وهؤلاء على الفعل. والنحو طارئ، والطارئ مجاز، وغيره الحقيقة بدليل قولهم هذا زيد. فإن كان هو زيد فلا معنى للغيرية. وقولك جاء زيد فالذات هي التي جاءت وهي زيد وإن كان الاشتراك قد وقع وتعذر الانفصال / على الغير. فالله هو الله، والرحمن هو الرحمن فلئن كان الأول إسما والثاني مسمى فهو هو، ولئن كان الأول مسمى والثاني إسما لهو هو وليس بعد الهوهية إلا الذات.
فصل
واختلفوا في أعم الأسماء وأخصها. فأعمها على مذهبنا (شيء) وعند الأشعرية معلوم، ومذكور، وشبههما. ولا يجعلون المعدوم شيئا. وعند الأولين هو شيء معدوم، وعند الأشعرية ليس بشيء. والعدم عندنا وعندهم في الحيقيفة ليس بشيء.
واختلفوا في الاسم الواحد هل يجري على متضادين؟
قال بعضهم: يجوز، كالجلل يجري على الصغير والكبير، ومن امتنع جعله مجازا في حق أحدهما. وأما المتضادان لا بد وأن يجمعهما الأسم الأعم كاللون للأبيض (¬1) كذلك الأسماء المشتركة كالعين والبيضة يجرينا على أمور/ مختلفة، والمختلف أبعد شبها من المتضاد. ولذلك تقول: الله مخالف لخلقه ولا تقول مضاد له.
فصل
اختلف الناس في أقل الجمع. فقال عثمان بن عفان وزيد بن ثابت: أقل الجمع اثنان. وقال ابن عباس: أقل الجمع ثلاثة. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. ولمالك فيهما القولان جميعا. فاستدل أهل اللغة بأن الله تعالى جعل للواحد صورة وللأثنين صورة وللثلاثة صورة. فلو كان لفظ
الأنثين جمعا لكان لفظ الجمع اثنين ولكان لفظ الواحد اثنين ولفظ الاثنين واحدا. فلما اختلفت صورة فولهم (رجلان) وصورة قولهم (رجال) وجب أن تختلف المعاني. ولو جاز هذا لجاز أن تقول: رأيت اثنين رجالا. ولو كان قولهم اثنا يقيد جمعا لجاز ذلك كما قالوا: ثلاثة رجال.
Shafi 48