اعلم أن لهذه العلوم ثلاث آفات: أولاها تقليد الآباء والأسلاف، وحسن الظن من الأبناء والأخلاف، فاستقوا من عين آجنة فاستعذبوها، وقد أخبر الله تعالى عن حال هؤلاء فطالبهم بالبرهان فانتقلوا من/ حال إلى حال إلى ثلاثة أحوال، قال الله تعالى: { بل قالوا...... أرسلتم به كافرون } (¬1) ، أنظر كيف تقولوا أولا وقالوا انهم على الهدى فأكذبهم الله تعالى وحاجتهم الرسل بالحق المبين والبرهان المستبين، فتركوا الهدى وادعوا التقليد وقالوا: { إنا على آثارهم مقتدون } على هدى أو ضلالة، فحاجتهم الرسل أيضا فرجعوا إلى المكابرة فقالوا للرسل: { إنا بما أرسلتم به كافرون } هذا حال أهل كل ضلالة، من الهدى إلى التقليد، ومن التقليد إلى المكابرة والكفران.
الثانية: الطرق المؤدية إلى الحق المستقيم في هذه العلوم وقد/ جعلها الله بيان كتابه ونور خطابه وقال عز من قائل لنبيه عليه السلام: { لتبين للناس ما نزل إليهم } (¬2) ، فاحتاج التنزيل إلى بيان الرسول، ولم يصن الله تعالى بيان الرسول صونه التنزيل، فاحتاج بيان الرسول إلى تودية المجاهيل، وأهل الأمانة قليل، وقطاع الطرق كثيرة، وإلى الله المشتكى والعويل، وعليه التكلان والتعويل وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الثالث: اقتناص الفقه من هذه العلوم، واجتناؤه من بين الشوك والسموم، فيكون الانسان على بصيرة من دينه ويقين من ربه.
فصل
اعلم أن لأهل كل علم أئمة يقتدى بهم في علومهم، وبين تلك الصناعة وتلك العلوم مؤالفة وموافقة ومحبة إلا ما يتعلق بأمر الديانات، خصهم الله تعالى بالبغي/ فيما بينهم كما قال تعالى: { بغيا بينهم...... الحق بإذنه } .
فأئمة أهل اللغة: الخليل بن أحمد (¬3) ، وسيبويه (¬4) ، وأبو زيد الكلابي (¬5) ، والمفضل الضبي (¬6) ، وثعلب (¬7) .
Shafi 399