فما فعله مضطرا إليه بالضرب والقتل والأذى، فهذا ختياري ضروري فلا يعذر في شيء من هذا إلا ما يتقلق باللسان غذا ظهرت الضرورة من ضرب أو قتل. وأما غير ذلك من منع الفضل أو ظلم المال والأصل من وضع أو رفع أو أكل أو شرب وجميع المنافع، وصرف جميع المضار فلا يسع. وأجاز بعض المعتزلة الضرورة في هذا قياسا على اللسان في جميع المعاصي إلا ما كانت فيه مظلمة للغير. وهو أيضا قول ابن الحسين. وأما الضرورة فمعذور فيها لا إثم ولا غرم؛ مثل أن يسحب أو يرمى به من فوق فيهلك أحد على يديه. وقال بعضهم: إن المضطر بالسيف يسوغ له كل شيء من شرب الخمر والزنا والقتل وأخذ الأموال. وهذا خطأ محض. وبعضهم يقول: لا يسوغ له الكفر إلا بالتورية، واستدلوا بقول رسول الله عليه السلام وقد كبت إلى ناس قبل موته بشهر: «إلا تنتفعوا بالميتة بإهاب ولا عصب ولا تشركوا بالله شيئا ولو عذبتم أو أحرقتم بالنار» (¬1) .
في أقسام الأفعال في الشرع
وأقسام الأفعال في الشرع خمسة: واجب ، ومندوب، ومباح، وحرام (¬2) ، ومكروه. وزاد بعضهم: الصحيح والفاسد.
فالواجب هو الفرض وهو اللازم وهو الحتم وهو المكتوب. وحده: ما كان في فعله ثواب وفي تركه عقاب. وذهب آخرون إلى أن الواجب منزلة بين الفرض والمندوب في قبالة المكروه، واستعملوه لأوكد السنن.
وحد المندوب: ما كان في اكتسابه ثواب وليس في تركه عقاب.
وحد المباح: ما ليس في فعله ثواب وليس في تركه عقاب.
وحد المكروه: ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب (¬3) .
Shafi 37