والأدلة على وجهين: عقلي ووضعي. فالعقلي ضروري حقيقي/ والوضعي اختياري مجازي. والعقلي ما قدمناه من وجوب الواجبات، وجواز الجائزات واستحالة المستحيلات.
والوضعي: كاللقظ والخط والرمز والإشارة وهو من مواضعة الناس. والقول في العلة والمعلول كالقول في الدليل والمدلول. تقول: علة ومعلل ومعلل ومعتل ومعلول ومستعل ومستعل.
القول في وجوب النظر
قالت القدرية: إن على الإنسان النظر بعقله حال البلوغ في معرفة الله عز وجل وفيما للعقل عليه دليل من جميع المحرمات فيمتثل هذا ويجتنب هذا وما سوى ذلك فليس عليه شيء في المعرفة الرسل والملائكة والكتب والمعاد.
وقالت الأشعرية: يجب عهليه النظر في الحالة الأولى فإن مات فيها كان لا مؤمنا ولا كافرا، وما بعدها فمقطوع العذر لا يسعه/ إلايمان أو الكفر.
وقال بعضهم: يسعه ما دام كافا ناظرا في الدليل. وعورضوا في النظر في هذا الدليل: أواجب أم ليس عليه منه شيء. فقال بعضهم فرض واجب ولم يفترض عليه غيره، فإذا نظر وعرف وجبت عليه معرفة البارئ سبحانه. ونقضوا أصلهم حيث قالوا: لا يجب عليه من معرفة البارئ سبحانه شيء. وكيف يكلفه البارئ سبحانه الفرايض ولما يعرفه.
وقال بعضهم: ليس النظر بفرض، ولكن لا بد له أن ينظر. وهذا القول لا يحتمل فرضا ويحتمل طبعا، فإن كان فرضا كان كالأول. وإن كان طبعا أوجبوه ضروريا. وقد ينظر فيخطئ أو يصيب فيبطئز فسبحان الله لقوم أوجبوا النظر ولم يوجبوا معرفة الله سبحانه. فإن وقع الموت فعلى من أجره أعلى من لم يعرفه ولم يفرض عليه معرفته أم عليهم/ هم الذين كلفوه النظر.
وللجاحظ أسوأ من هذا؛ وهو أنه إن لم يستعمل النظر فليس عليه شيء، وإن استعمل النظر واجتهد فقد أصاب ولو أخطأ دين الإسلام وأخطأ معرفة البارئ سبحانه لأنه لا يعرفه ولو اجتهد.
Shafi 34