العلماء المعتد بأقوالهم ويحفل باجتماعهم في أمصارهم كالنجوم في أماكنها ولن تخفى على أهل كل مصر ما يقول عالمهم. وليس من العادة أن تنطبق العامة على كتمان شيء لا يعبأ به، فيكف بأقاويل العلماء السادة، والأخيار القادة في الدين مع شدة الحاجة إلى امتثال شرائع الدين وتوفر الدواعي والهمم إلى الدعاء إلى ذلك والانتصار له والامتثال. وإذا ورد على أهل كل/ مصر ما يقول عالمهم سارت به الركبان سير الشمس في جميع الآنس ولا مخالف، أثبتنا الاجماع وأبطلنا الاختلاف وأطلقنا القول بهما. وأما قوله: أن يظهر خلاف ما عتقد ويعتقد خلاف ما يظهر. قلنا: إن الله تعالى جعلى الحجة والعصمة والصواب في اطباقهم على شيء، ولا يعلم بالقول والسكوت إلا هو. فإذا ظهرت هذه المعاني حصل الإجماع المشروط فيه أنه عصمة، ولسنا نظن بأهل العلم إلا خيرا. وإذا كان الإجماع ينعقد مع سكوت المتعقد فكذلك ينعقد مع حصول قوله موافقا لأهل الإجماع ولو خالف اعتقاده. ولو خالف الإجماع والاعتقاد موافق للعامة لكان اختلافا. وإنما نراعي ما ظهر وليس علينا مما بطن شيء. وأما رجوع من رجع منهم. فإن الإجماع غذا انعقد لا يضره رجوع من رجع كما لا/ تقدح مقالة الآخر بعد الانقعاد. وأما إذا لم يكن انعقاد فللراجع الرجوع ويعتد برجوعه. وقد استحال رجوع الكل بعد الانعقاد إلى قول ثان؛ فإن الإجماع الأول حق عند الله فلا يكون الأول وضده حقين به عند الله. وأما إذا خالفهم واحد فإن رجع إليهم كان اجماعا. وغير مستحيل رجوع الكل إلى واحد كالذي جرى لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
Shafi 243