54

Budurwar Quraysh

عذراء قريش

Nau'ikan

فلما سمعت أسماء ذكر أبيها ارتجفت وامتقع لونها وصاحت: «وماذا أصاب أبي؟!»

قالت: «ألم تعلمي ما أصابه وقد كنت معنا في الدار؟»

قالت: «لا، ماذا أصابه؟»

قالت: «بلغت أنه قتل مع الخليفة في بعض جوانب الدار.»

فلطمت أسماء وجهها وصاحت: «ويلاه يا أبتاه!» وأوغلت في البكاء مذعورة وصاحت: «وأين هو الآن؟! أروني أين هو؟!»

ولم تكن نائلة تتوقع من أسماء حزنا شديدا على أبيها لما تعلمه من حديثها عنه.

أما أسماء فبكت وناحت والنساء يخففن عنها ويقلن: «اصبري فإن له أسوة بأمير المؤمنين وسوف يلقيان ربهما معا، والله ينتقم من القوم الظالمين! وسوف يثأر له بنو أمية جميعا، إنهم لم يدركوه حيا ليدفعوا عنه القتل، ولكنهم سوف يسرعون إلى الثأر إذا رأوا قميصه الملوث بالدم وأصابعي المبتورة، فقد أرسلت القميص والأصابع إلى معاوية في الشام، وأصبح الأمر لبني أمية وهم سواد قريش. ولقد ظن بنو هاشم أنهم إذا قتلوا عثمان ضعف شأن بني أمية، ووالله إنهم أكثر رجالا وأوفر عدة وأصعب مراسا! وسوف يلقى بنو هاشم عاقبة ما جنته أيديهم.»

فلما سمعت تهديد نائلة وحكاية قميص عثمان وأناملها وما ذكرته من تفضيل بني أمية على بني هاشم؛ علمت أنها أرسلت الأصابع والقميص استحثاثا لبني أمية على الثأر لدم عثمان، وتحققت أنها تضمر السوء لعلي، فلم تسكت عن الدفاع عنه وقالت: «لقد كان بنو هاشم أكثر الناس دفاعا عنه، فإن عليا أرسل الحسن والحسين لرد الناس عن بابه، ولو أذن لهما أمير المؤمنين لجاهدا في الذب عنه إلى آخر نسمة من حياتهما. أمثل هؤلاء يطالبون بدم عثمان أم يقال إنهم دافعوا عنه جاهدين؟»

قالت: «دعك من هذا، فوالله لو أرادوا دفاعا لما مات عثمان! إنما أخذوا الأمر بالتريث والمداورة وأظهروا العجز، وساء ما يضمرون! ولا يغرنك إرسالهم أولادهم.» قالت ذلك وحرقت أسنانها وسكتت، فعذرتها أسماء لما رأت من هياج عواطفها على مقتل زوجها ولم تجبها. ولكنها عادت إلى السؤال عن أبيها، فقالت لها إحدى النساء: «لا تتعبي يا أسماء، إن أباك قتل مع الذين قتلوا مع عثمان وهم اثنان هو ثالثهم، وقد حملوا جثثهم خلسة إلى حيث لا ندري. فتعزي وتأسي بمقتل أمير المؤمنين خليفة رسول الله.»

وظلت أسماء تبكي مع الباكين حتى هدأ روعها وذكرت أن وفاة أبيها خير لها في مستقبل حياتها، فنظرت إلى نائلة وقالت: «وما الذي اعتزمته الآن؟»

Shafi da ba'a sani ba