46

Budurwar Quraysh

عذراء قريش

Nau'ikan

فتركته نائلة وعادت إلى الغرفة وهي تعجب لطيشه ونزقه. فلما خلت بأسماء عادت إلى بلبالها وفيما هم فيه من الحصار، فلم تر وسيلة لملافاة الفتنة إلا أن يتوسط علي في ذلك، ثم تذكرت ما قاله بالأمس وتحذيره زوجها من إغراء مروان فرجح عندها أنه لن ينصره، فصبرت لترى ما يأتي به الغد.

أما أسماء فسرت لذهاب مروان من المدينة لعلها تتمكن في أثناء غيابه من وسيلة تصلح بها ما أفسده. •••

قضت أسماء في دار عثمان ردحا من الزمن كانت فيه نعم السلوى لنائلة، فالدار محاطة بالرجال ليلا ونهارا وقد منعوا الماء عنها، ولولا ما أشارت به من الاستسقاء عن طريق آل حزم لمات أهل الدار عطشا.

أما نائلة فلم تعد تستطيع صبرا على تلك الحال، فأصبحت ذات يوم بعد أن قضت ليلتها باكية لما تراكم عليها من الهموم وما آنسته من اضطراب زوجها وقلقه وخوفه، وأخذت تفكر عسى أن ترى مخرجا فلم تر خيرا من استنجاد علي، وأسرت ذلك إلى أسماء واستحثت حميتها. فاستسهلت أسماء كل صعب في سبيل إخماد الفتنة وإنقاذ عثمان من عاقبتها، فقالت لنائلة: «إني أرى رأيا أرجو أن ينال منك قبولا.»

قالت: «وما هو؟» قالت: «أذهب أنا إلى علي ومروان غائب وأطلعه على جلية الأمر، لعله يسعى في إخماد الفتنة وهو رجل الخير وبه صلاح هذه الأمة.»

قالت: «لقد أصبت، وإنك بذلك تقلدينني جميلا لا أنساه.»

قالت: «سأذهب هذا المساء إلى علي، والله ولي الأمر.»

ولما كان الغروب تزملت بلباس الرجال، وتقلدت الحسام تحت العباءة، وغطت رأسها بالعقال وخرجت من دار عثمان إلى بيت بني حزم، ثم خرجت من هناك تخترق الجموع وسارت تلتمس عليا.

وكان علي في بيته بعد صلاة المغرب، وعنده طلحة والزبير وأمراء المسلمين القادمون من الأمصار نقمة على عثمان، وكلهم يحرضون عليه الناس. ولكنها لم تجد محمدا بن أبي بكر بينهم، وشاهدت في فناء البيت الجموع من أهل مصر والكوفة والبصرة في ضجة وغوغاء. فوقفت في جملة الواقفين ولم ينتبه لها أحد، فسمعت الأمراء يلغطون ويضجون وكلهم يقولون بقتل عثمان أو خلعه، وعلي يخفف عنهم ويؤنبهم على ما يبغون من شر ويقول: «والله يا قوم لا أرى في مقتل الخليفة إلا تعاظم الفتنة، إنكم والله ستختلفون على من يلي الخلافة بعده، فأبقوه ذلك خير لكم.»

فانشرح صدر أسماء لشهامة علي وحسن دفاعه، ولم تتمالك أن دخلت وهي في ذلك اللباس ودنت من علي فنظر إليها وقد عجب لجرأتها وهو يحسبها من بعض المتحمسين، فتفرس فيها مستفهما والتفت الأمراء إليها فكشفت عن وجهها، فلما رآها علي عرفها فاستغرب دخولها وأنكر كشف وجهها على تلك الصورة، ولكنه لم يسعه إلا أن رحب بها قائلا: «أهلا بفتاتنا ومرحبا، ما الذي جاء بك؟»

Shafi da ba'a sani ba