ثم لم يكن ثلث الليل حتى نهض الملك دون العرش ودعا إليه العروسين فنهضا إلى جانبيه، وكان الركن الذي قاموا فيه مطلا على النيل وبنافذتين ينظر منهما إليه، وبعد ذلك أشار الملك لرئيس الديانة وأعوانه أن يتقدموا فمثلوا لديه، فخاطب الكاهن الأعظم للديار قائلا: تفضل يا إمامنا العزيز واعقد لولدي على الأميرة عذراء الهند، ثم عقب وهو يتبسم بأن قال: ومتى فرغت من عملك هذا أتيت أنا أيضا العمل الذي فيه ل «آشيم» إتمام الأمل، فأحدثت هذه العبارة هرجا ومرجا في المحفل، ولم يبق لنفس ريبة في كون العرش إنما نصب للحبيب والحبيبة.
وبينما القوم يتبادلون هذه التأملات، والكاهن الأعظم ينتظر سكوتهم ليشرع في عمله، مرق من بعض النوافذ طائر صغير أسود، فارتفعت الأعين ترمقه، وهاج الملأ وماج المكان، أما الطائر فبعد أن دار دورته قصد نحو العروسين فصفق يحوم عليهما وينتف ريشه لديهما. وفي هذه اللحظة لم يدر الناس إلا بالأمير قد سقط طعينا يتخبط بدمائه، ثم بظهور ثرثر من ورائه وقد صرخ قائلا: ليمت كلانا بدائه، ثم طعن نفسه بالخنجر فسقط كذلك يتعثر بردائه، فتفزع الجمع لهذا المشهد المذيب، وجنت عذراء الهند بإزائه، فقامت لدى النافذة تنتظر كلمة الأطباء، حتى إذا أيقنت أن لا أمل ولا رجاء، وأن «آشيم» خرج من سلك الأحياء، لم تزد على أن صرخت قائلة: يا للسماء لهذه الخالدة الشقاء، الأبدية الإقصاء! ثم ألقت بنفسها من أعلى القصر إلى العريض الطويل من عالم الماء. (تمت)
Shafi da ba'a sani ba