باقتضاب ذكر البيان أن محطات الرصد الفلكي في أنحاء متفرقة من العالم أجمعت على أن كويكبا صغيرا سوف يصطدم بالأرض بعد ساعات، ومن المتوقع أن يحدث هذا الصدام دمارا هائلا، وطلب البيان من المواطنين الهدوء والدعاء إلى الله أن يرفع عنا هذا الخطر.
لطمت الأم خديها وكذلك فعلت سمية، وهرع الأطفال إلى أحضان أمهاتهم يرتعدون، أما الرجال فقد أخذ كل منهم ينظر إلى صاحبه دون أن يتفوه بكلمة. ومن الشرفة المفتوحة هبت صرخات وصيحات وتكبيرات وأدعية، فانتفض من في البيت وأسرعوا نحو الشرفة.
خلال دقائق هرع الناس إلى الشارع لا يلوون على شيء، وكأنهم بعثوا من مرقدهم، كانوا مذهولين زائغي الأعين يتطلعون إلى السماء في رعب. بعد دقائق أخذوا يتبادلون الأحاديث، وعلت الصرخات والصياح والعويل والدعاء، وانفضت جموع منهم وسارت في اتجاهات شتى.
صاح حسن فيمن وقفوا في الشرفة: ماذا تنتظرون؟ هل أعجبكم المشهد؟!
وكأنهم أفاقوا من غفلتهم فأسرعوا بالدخول والتفوا حوله. أربكه تطلعهم إليه وكأنهم ينتظرون المخلص، قال: ينبغي أن نبحث سريعا عن حل.
تدخل مصطفى هادئا: لا يبدو أن هناك حلا، لننتظر قليلا لعل التليفزيون يفيدنا بشيء.
تحول منزل العائلة إلى مأتم؛ فقدت بناتي سريعا تماسكهن، فاحتضنت كل منهن صغارها وانفجرت بالبكاء، وتعالت صرخات الأطفال الذين لا يدركون ما يجري حولهم، وغطت زوجتي وجهها بكفيها تبكي وتسأل الله اللطف في قضائه، وانسحب الرجال يلتفون في وجوم حول التليفزيون الذي ظل يكرر نفس البيان.
اهتزت شاشة التليفزيون مرات، وقطع الإرسال وعاد بعد ثوان، ثم ظهر على الشاشة رجل ينبئ مظهره بأنه ليس مذيعا ولم يسبق لأحد أن رآه على الشاشة من قبل، بلهجة أقرب للعامية قال الرجل وقد تملكه الغضب: هناك نبأ واحد مؤكد، هو أن عددا من الأثرياء وكبار رجال الدولة قد حملوا على متن غواصة حربية انطلقت بهم إلى أعماق البحار.
جرى تعليق ساخر وقح على لسان حسن لم أستهجنه، وانتفض علي هاتفا: نلجأ إلى البحر.
أجلسه مصطفى بهدوء. - حتى لو كان البحر بعيدا عن نقطة الاصطدام؛ فالموجات العاتية «التسونامي» سوف تكتسح ما في البحر وما فوق الأرض. لقد هرب الكبار إلى الأعماق وهي بالفعل قد تكون أكثر أمانا، لكن هيهات أن يبلغها أمثالنا.
Shafi da ba'a sani ba