قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: لَهُ ثَلَاثَة ذُكُور من الْإِبِل لِأَنَّك لم تَجِيء بِشَيْء من التَّأْنِيث، وَإِنَّمَا ثلثت الْمُذكر، ثمَّ جِئْت بالتفسير. فَمن الْإِبِل لَا تذْهب الْهَاء، كَمَا أَن قَوْلك ذُكُور بعد قَوْلك من الْإِبِل لَا تثبت الْهَاء.
قَالَ أَبُو سعيد: يُرِيد أَن الحكم فِي اللَّفْظ للسابق من لفظ الْمُؤَنَّث أَو الْمُذكر، فَإِذا قلت: ثَلَاث من الْإِبِل أَو الْغنم ذُكُور نزعت الْهَاء لِأَن قَوْلك من الْإِبِل أَو من الْغنم يُوجب التَّأْنِيث وَإِنَّمَا قلت ذُكُور بعد مَا يُوجب تَأْنِيث اللَّفْظ فَلم تغير. وَكَذَلِكَ إِذا قلت: ثَلَاثَة ذُكُور من الْإِبِل فقد لزم حكم التَّذْكِير بِقَوْلِك: ثَلَاثَة ذُكُور. فَإِذا قلت بعد ذَلِك من الْإِبِل لم يتَغَيَّر اللَّفْظ الأول.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَتقول: ثَلَاثَة أشخص، وَإِن عنيت نسَاء لِأَن الشَّخْص اسْم مُذَكّر.
قَالَ أَبُو سعيد: هَذَا ضد الأول لِأَن الأول تؤنثه للفظ وَهُوَ مُذَكّر فِي الْمَعْنى، وَهَذَا تذكره للفظ وَهُوَ مؤنث فِي الْمَعْنى.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمثله قَوْلهم: ثَلَاث أعين، وَإِن كَانُوا رجَالًا لِأَن الْعين مُؤَنّثَة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَهَذَا يشبه الأول، وَإِنَّمَا أنثوا لأَنهم جعلُوا الرِّجَال كَأَنَّهُمْ أعين من ينظرُونَ لَهُم.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَقَالُوا: ثَلَاثَة أنفس، لِأَن النَّفس عِنْدهم إِنْسَان، أَلا ترى أَنهم يَقُولُونَ: نفس وَاحِد فَلَا يدْخلُونَ الْهَاء.
قَالَ أَبُو سعيد: النَّفس مؤنث، وَقد حمل على الْمَعْنى فِي قَوْلهم: ثَلَاثَة أنفس إِذا أُرِيد بِهِ الرِّجَال. قَالَ الشَّاعِر - وَهُوَ الحطيئة -:
(ثَلَاثَة أنفس وَثَلَاث ذود ... لقد جَار الزَّمَان على عيالي)
1 / 47