بعثة أسامة، وما بعثة أسامة؟ ... يستصغرها بعض المؤرخين المحدثين ويقولون: إنها من نوافل البعثات؛ لأنها بدأت وانتهت بغير فتح وبغير ثمرة وبغير حظ كبير من الغنائم تلجئ إليه ضرورة من الضرورات.
وإنهم لمخطئون.
وإن الصديق لعلى صواب.
ولقد يكون في صوابه إلهام أو تكون فيه روية وقصد مرسوم، ولكنه سداد على كل حال، ووجهة قويمة هي أدنى الوجهتين إلى النفع والصلاح.
بعثة أسامة كانت العنوان الأول لسياسة عامة في الدولة الإسلامية هي في ذلك الحين خير السياسات.
كان قوامها كله طاعة ما أمر به رسول الله.
وكانت الطاعة - جد الطاعة - مناط السلامة وعصمة المعتصمين من الخطأ الأكبر في ذلك الحين.
وحيث يكون التمرد هو الخطأ الأكبر فالطاعة - بل الطاعة الصارمة - هي العصمة التي ليس من ورائها اعتصام.
وقد كان التمرد هو الخطر الأكبر في ذلك الحين لا مراء: كان النفاق يطلع رأسه في مكة والمدينة، وكانت القبائل البادية تتسابق إلى الردة في أنحاء الجزيرة، وكان جند أسامة نفسه يود لو استبدل به أميرا غيره، وكان أسامة أول من يشك في طاعة القوم إياه ويترقب أن يخلفه على البعثة أمير سواه.
تمرد، أو نذير بتمرد، في كل مكان.
Shafi da ba'a sani ba