وأنها هي ثقافة الفارس المجاهد في سبيل الله، يداول بين القلم والسيف، ويتشابه في الجهاد بأسه وتقواه ... لأنه بالبأس زاهد في الدنيا مقبل على الله، وبالتقوى زاهد في الدنيا مقبل على الله ...
فهو فارس يتلاقى في الشجاعة دينه ودنياه، وهو عالم يتلاقى في الدين والدنيا بحثه ونجواه ...
في بيته
خلاصة رأي الإمام في المرأة أنها «شر كلها ... وشر ما فيها أنه لا بد منها».
كان يرى لها فضائل خاصة تليق بها غير الفضائل التي تليق بالرجال وتحمد منه ... «فخيار خصال النساء شرار خصال الرجال ... الزهو، والجبن، والبخل ... فإذا كانت المرأة مزهوة لم تمكن من نفسها، وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال بعلها، وإذا كانت جبانة فرقت من كل شيء يعرض لها» ...
والإمام صائر إلى رأيه هذا في المرأة من كلتا طريقيه، وهما طريق الحكيم الذي ينظر إليها على سنة الحكمة القديمة، وطريق العابد الذي ينظر إليها على سنة العبادة في جميع العصور ... ولكنه لا رأي الحكيم، ولا حس العابد قد حجبه قط عن فطرته الغالبة عليه، وهي فطرة الفارس المطبوع على آداب الفروسية، ومنها التلطف بالمرأة والصفح عن عدوانها ... فما انتقم قط من امرأة لأنها أساءت إليه، ولا غفل قط عن الوصية بها في موطن يستدعي هذه الوصية، ومن أمثلة وصاياه في هذا المعنى خطبته بين جنوده قبل لقاء العدو بصفين، حيث يقول:
لا تهيجوا النساء بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم، فإنهن ضعيفات القوى والأنفس والعقول، إن كنا لنؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر - أي: الحجر - أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعده ...
وقد كانت ميوله نحو المرأة قوية، كما يظهر من غير حادث واحد ... ومن ذاك صبية السبي التي استولى عليها وبنى بها لساعتها، وجعلها قسمة من الخمس قبل تقسيمه ... فرأى بعض أصحابه في ذلك ما شكوه إلى النبي - عليه السلام - من أجله، وربما كان هذا سبب تحذيره منها في الغزوات خيفة على الجيش من شواغلها، فكان يقول لسراياه وجيوشه إذا شيعها: «اعزبوا عن النساء ما استطعتم.» ويوصي في أمثال هذه المواطن باجتنابها ...
إلا أنه كان يرى على ما يظهر أن امرأة تغني عن سائر النساء، فلم يعرف له هوى لامرأة خاصة من نسائه غير الهوى الذي اختص به السيدة فاطمة - رضي الله عنها - كرامة لمنزلتها عنده ومنزلتها عند أبيها، وهو غير الهوى الذي تبعثه المرأة بمغريات جنسها.
كان جالسا في أصحابه، فمرت بهم امرأة جميلة، فرماها القوم بأبصارهم ... فقال - رضي الله عنه: «إن أبصار هذه الفحول طوامح، وإن ذلك سبب هياجها ... فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه قليلا مس أهله، فإنما هي امرأة كامرأة.»
Shafi da ba'a sani ba